[تعدد أدعية الاستفتاح يقتضي التنويع في استعمالها]
هناك استفتاحات أخرى، منها: ما في صحيح مسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يستفتح بقوله: (سبحانك اللهم وبحمدك، وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) ، واختار هذا الاستفتاح الإمام أحمد، وقال: إنه ثناء وذكر وتنزيه وتقديس لله تعالى وتوحيد له.
والثناء يقوم مقام الدعاء، فقد روي في بعض الآثار القدسية أن الله يقول: (من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته أفضل ما أعطي السائلين) ، فهذا سبب اختيار الإمام أحمد للاستفتاح الذي فيه الثناء: سبحانك اللهم وبحمدك إلى آخره.
هناك استفتاح أيضاً في السنن، مبدوء بقوله: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) إلى آخره، مروي عن علي رضي الله عنه، وهو استفتاح طويل يستحبه أيضاً بعض العلماء.
وهناك استفتاح رابع لكن نقل عن النبي صلى الله عليه وسلم استعماله في التهجد إذا قام من الليل وهو قوله: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل) إلى آخره.
هذا الدعاء استفتاح وتوسل.
هناك أيضاً أدعية أخرى عن الاستفتاحات وقد كتب فيها شيخ الإسلام ابن تيمية رسالة مطبوعة بعنوان: أنواع الاستفتاحات، ورجح أن الكل صحيح، وأن النبي صلى الله عليه وسلم تارة يستعمل هذا وتارة يستعمل هذا، وأنه لما لم يعلم الأمة واحداً منها ويقصرهم عليه؛ دل على أن الأمر فيه سعة.
وقد استحب شيخ الإسلام وكثير من العلماء أن يأتي بهذا تارة وأن يأتي بهذا تارة، يعني: أن تستعمل قوله: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي) حيناً، وتستعمل حيناً آخر قوله: (سبحانك اللهم وبحمدك) إلى آخره، وتارة تستعمل قوله: (وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض) إلى آخره، وحيناً تستعمل قوله: (اللهم رب جبرائيل وميكائيل) إلى آخره، يقولون: حتى لا يبقى شيء من السنة مهجوراً.
إذا عملت هذا حيناً وهذا حيناً عملت بالسنة كلها.
فتعلمها وحفظها سهل، وهي ميسرة، وفي سنن النسائي أوردها متوالية تحت عنوان: الدعاء بين التكبير والقراءة، ثم قال: نوع آخر من الدعاء بين التكبير والقراءة، ثم قال: نوع آخر، وهكذا حتى أورد عدة أنواع، وغيره من الأئمة سردوها تحت هذا العنوان.
فإذا حفظها الإنسان وأتى بها كلها أحيا بذلك السنة، ولكن مع ذلك إذا كان يريد أن يختار فيختار واحداً يكثر منه، يكون أكثر استعمالاً له، والبقية يأتي بها أحياناً، في كل أسبوع مرة أو في كل أسبوع مرتين أو نحو ذلك، حتى يعمل بما بلغه من الشريعة.
وقد عرفنا أنه من السنة وليس من الواجب ولا تبطل الصلاة بتركه.