متى يقرأ المأموم الفاتحة؟ هل يستمع لقراءة الإمام للفاتحة ثم إذا انتهى شرع هو فيها، أم أنه يشرع فيها مع الإمام لاسيما إذا كان الإمام لا يطيل السكوت بعد الفاتحة بالقدر الذي يكفي للمأموم قراءة الفاتحة؟
الجواب
في ذلك خلاف، فمن العلماء من يقول: يتحملها الإمام، ولا قراءة على مأموم، وروي في ذلك حديث فيه مقال:(من كان له إمام فقراءته له قراءة) ، واستدلوا بقوله تعالى:{وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنصِتُوا}[الأعراف:٢٠٤] ، وإن كان هذا في الصلاة الجهرية، وبالحديث في قوله عليه الصلاة والسلام:(إذا كبر الإمام فكبروا، وإذا قرأ فأنصتوا) ، فكل ذلك دليل على أنه ينصت المأموم ويستمع لقراءة إمامه ولا يقرأ مع قراءته، فهذا مذهب من المذاهب في أن الإمام يتحمل القراءة، وإنما تستحب إذا سكت، فإن كان له سكتات قرأ في سكتاته، وإلا أنصت لقراءته ولم يقرأ معه.
والمذهب الثاني أنه يقرأ الفاتحة ولا تسقط عنه، وصنف في هذا المذهب البخاري كتابه المعروف المسمى بـ (القراءة خلف الإمام) وشدد في ذلك، حتى إنه أبطل ركعة الذي لم يدرك الفاتحة، فإذا أتى والإمام راكع ولم يدرك الفاتحة قال: لا تصح صلاته ولا يعتد بتلك الركعة.
وهذا قول فيه شيء من التشدد، ولعله يقال: إنها تتأكد.
واستدل الذين قالوا بذلك بالحديث عن أبي هريرة لما حدث بقول النبي صلى الله عليه وسلم:(صلاة لا يقرأ فيها بأم الكتاب فهي خداج.
فقال رجل: إني أحياناً أكون خلف الإمام! فقال أبو هريرة: اقرأ بها في نفسك يا فارسي) أمره بأن يقرأ بها في نفسه.
وكذلك استدلوا بحديث (أنه صلى الله عليه وسلم لما سمعهم مرة يقرءون، قال: لعلكم تقرءون خلف إمامكم؟ قالوا: إنا لنفعل.
قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب؛ فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها) ، وهذا يؤكد ما ذهب إليه من اشترط قراءتها للمأموم، وعلى كل حال فتتأكد قراءتها إن سكت الإمام، وإذا لم يسكت واستطاع أن يقرأها -مثلاً- ولو في سكتاته بين الآيات أكملها بسرعة، وإذا لم يستطع ذلك قرأ منها ما تيسر وسكت عن بقيتها، ويتحملها الإمام إن شاء الله.