إذا كانت البلاد واسعة جاز أن تصلى في أكثر من موضع، والأصل أنها تصلى في صحراء، ولا يجوز أن تصلى في المساجد العادية إلا إذا لم يجدوا مكاناً صالحاً لأدائها في الصحراء، أو كانت الصحراء بعيدة لا سيما على الضعفاء والمرضى وكبار السن ونحوهم، فحينئذٍ يجوز أن تُصلى في داخل البلد في المساجد، كما فعل ذلك علي بن أبي طالب رضي الله عنه في الكوفة لما اتسعت، فإنه لما اتسعت الكوفة ترك رجلاً يصلي في المسجد في داخل البلد بالمستضعفين ونحوهم، وخرج هو يصلي بالبقية في خارج البلد.
والأفضل -أيضاً- أن تكون في مسجد واحد أو في مساجد قليلة، ولا يكثر العدد، وفي هذه الأزمنة في هذا البلد خاصة يكثرون المواضع، بحيث إن بعض الخطباء يسمع خطبة الآخر، وهذا خلاف السنة، بل الأفضل أن يختاروا مسجداً واسعاً، أو يختاروا صحراء واسعة، تتسع لعدد كثير ولو عشرين ألفاً أو ثلاثين ألفاً، فالصحارى كثيرة واسعة، والناس عندهم استطاعة، والصلاة إنما هي مرتان في السنة، وعندهم تمكن؛ لأنهم يجدون السيارة ولو بأجرة، فيخرجون إليها، والأفضل عدم التكرار إلا لعذر.
وبكل حال: فإن هذه الصلاة من شعائر الإسلام التي جاء بها وأقرها، واستمر العمل عليها إلى يومنا هذا، وإلى ما شاء الله، ومتى أظهرها المسلمون وتمسكوا بها أظهروا شعائر إسلامهم، وأحيوا سنة نبيهم.