يراد بالرضاعة هنا أثر الرضاع الذي ذكر في قول الله تعالى:{وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ}[النساء:٢٣] أي: ما تحرمه الرضاعة وما لا تحرمه، وليس المراد البحث في كيفية رضاع المرأة ولدها، المذكور في قوله تعالى:{وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ}[البقرة:٢٣٣] ، فإن هذا المقصود منه كيف ترضع المرأة ولدها، ومتى تفطمه ونحو ذلك، وأما هذا ففي إرضاع المرأة غير ولدها، وكيف يكون أثر هذا الرضاع.
ذكر العلماء في تعريف الرضاع المحرم أنه: امتصاص الطفل لبناً ناتجاً عن حمل وهو في الحولين.
وقوله:(امتصاص) هذا على وجه الأغلب وإلا فلو شرب اللبن شرباً دون امتصاص وهو دون الحولين لحصل منه التأثير والتحريم، وهكذا لو أدخل مع أنفه ووصل إلى جوفه، وتغذى به؛ حصل بذلك الرضاع.
ثم الجمهور على أنه لا يحرم إلا إذا كان الرضاع في الحولين، ويستدلون بما في حديث عائشة الأخير وهو قوله صلى الله عليه وسلم:(إنما الرضاعة من المجاعة) ، والمجاعة هي الجوع، يعني: الرضاع المحرم هو الذي يرتفع به الجوع، ويحصل به الشبع.