للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[استحباب تخفيف المهور وكراهة المغالاة فيها]

وقد وردت السنة بالأمر بتخفيف المهر، فورد في حديث: أن أفضل النكاح أيسره مهراً؛ وذلك أنه إذا كان المهر يسيراً فإن الرجل يرغب في الزوجة، ويعاملها معاملة طيبة، حيث إنها لم تكلفه ولم تحمله على دين أو على اقتراض أو على خسارة ظاهرة، فيحسن صحبتها، وهي أيضاً تحسن صحبته ومعاملته إذا رأته لبقاً لين الجانب حسن العشرة حسن الخلق.

فهذا هو السبب في الأمر بتخفيف الصداق، وأيضاً فإن في تخفيفه حملاً للكثير على الزواج، بخلاف ما إذا تشدد الناس وتشدد الأولياء وضاعفوه وأكثروه فإن التقدم من الزوج سيكون متأخراً، وربما يجلس الواحد سنوات يجمع الصداق! فيفوت عليه جزء من عمره قبل أن يتزوج، وربما لا يتزوج إلا أفراد معدودون؛ حيث إن الكثير قد يعجزون عن ذلك الصداق الذي يثقل كواهلهم.

كذلك أيضاً ورد أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال له: أعني؛ فإني تزوجت، فقال له: (وكم دفعت من المهر؟ فذكر له مهراً كأنه استكثره فقال: عشرين مثقالاً؟! كأنما تنحتون الفضة من عرض هذا الجبل) أي: أنه يلومه على أن دفع مهراً عشرين مثالاً من فضة، مع أنها شيء يسير بالنسبة إلى زماننا.

وحصل أن امرأة تزوجت بنعلين، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (أرضيت من نفسك بنعلين؟ فقالت: نعم، فأجاز نكاحها) ومنه أُخذ استحباب تخفيف الصداق وتقليله حتى لا يثقل على المتزوجين، وحتى لا يتعطل كثير من رجال ونساء.