ثم ألحق العلماء بذلك كل ما هو خبيث الرائحة، ومن المعلوم أن هذا الدخان الخبيث المنتن ذو رائحة مستكرهة، وكذلك ما يلحق به من (النارجيل) ، (الجراك) وغيرها من هذه الأشياء الخبيثة؛ من المعلوم أنها ذات رائحة مستكرهة، بل هي أشد من رائحة الثوم والبصل والكراث التي هي من المخلوقات التي فيها نفع، فلا يجوز أن تتعاطى قرب أوقات الصلاة.
إذا كان الذي يستعمل (الجراك) يصلي إلى جانبك، فإنك تشم منه هذه الرائحة المستكرهة سيما إذا تعاطاها قريباً، وهكذا أيضاً إذا استعمل الدخان وأكثر منه ظهرت رائحته على ثيابه وعلى فمه، وتأذى من قرب منه، ويلحق بذلك كل شيء فيه رائحة خبيثة فلا يجوز استعماله.
معلوم أن المسجد له حرمته فأمر بأن ينظف وأن يطيب، وكان الصحابة في كثير من الأوقات يطيبون مساجدهم بالدخنة التي هي دخان العود، وكذلك كانوا ينضحونه بالطيب وغيره؛ كل ذلك لأجل أن يطمئن المصلون في صلاتهم، وأن تحضر قلوبهم، ولئلا يلقوا شيئاً يشوش عليهم صلاتهم.
فإذا كان الإنسان مأموراً بإزالة الروائح المستكرهة، فهو كذلك مأمور باستعمال الروائح الطيبة ونحوها.
هذا الحكم في استعمال هذه الأشياء وبكل حال فإننا نهينا عن استعمالها؛ لما يحصل بها من الأذى، ولكن لا يتخذ ذلك حيلة لترك العبادات ولا للتهاون في صلاة الجماعات.