أما الاستثناء في الحلف فإذا حلف على أمر مستقبل وقال: والله لآتينك غداً إن شاء الله ثم لم يأتك فإنه لا كفارة عليه، بخلاف ما إذا لم يقل: إن شاء الله.
فلو قال: والله لأقضينك دينك غداً.
أو: لأبيعنك.
أو: لأحضرن لك هذه السلعة غداً ثم لم يحضرها أو لم يعطك فمثل هذا عليه كفارة.
والكفارة هي التي ذكرها الله بقوله:{فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ}[المائدة:٨٩] إلخ، فإذا استثنى فلا كفارة عليه، فهذه هي فائدة الاستثناء.
ويمكن أن يخصص بعض الأشياء، فإذا قال مثلاً: بعتك هذا إن شاء الله فقلت: قبلته إن شاء الله.
أو قال -مثلاً-: زوجتك موليتي إن شاء الله فقلت: قبلت إن شاء الله فإن ذلك ينعقد ولو كان فيه هذا الاستثناء، وكذلك إذا قال: طلقت امرأتي إن شاء الله فإنها تطلق، وذلك لأن هذا شيء ظاهر، فلا يعلق على مشيئة الله الخفية؛ لأنا لا نعلم مشيئة الله إلا بالأمر الواقع، فإذا رأينا الأمر قد وقع قلنا: هذا قد شاءه الله، شاء الله أن يولد لفلان، وشاء الله أن يموت فلان، وشاء الله أن يشفى، وشاء أن يستغني وما أشبه ذلك، فمشيئة الله تعالى ظاهرة بوقوع الأمور التي شاءها، وإذا رأينا الأمر تخلف قلنا: لم يشأ الله أن يحصل لفلان ولد، ولم يشأ الله أن يستغني فلان، أو أن ينجح في سعيه، أو يربح في بيعه.
والاستثناء يؤتى به أيضاً للترك، كما ورد في القرآن، قال الله تعالى:{لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ}[الفتح:٢٧] مع أنه وعد محقق، ولكن عُلق بمشيئة الله تعالى للتبرك، وكذلك الاستثناء الذي في دعاء زيارة القبور:(وإنا -إن شاء الله- بكم لاحقون) ، فالاستثناء هنا للتبرك، أو لتخصيص البقعة أو نحو ذلك، وإلا فالموت محقق، وكل الأحياء لاحقون بالأموات.