ولا بد من شرط في هذه الجوارب وهو أن تكون ساترة، فإذا كان فيها خرق أو خروق فلا يمسح عليها؛ وذلك لأن الخلاف في الخف ليس كالخلاف في الجورب، فالرخصة التي في المخرق خاصة بالخف، وأما الجورب فالراجح أنه لا يرخص في المخرق منه؛ لقوة الخلاف في الأصل، فإذا كان الأئمة الثلاثة لا يستبيحون المسح عليه أصلاً، فكيف به إذا كان مخرقاً؟! فإذا كان مخرقاً فإن عليك أن تلبس فوقه ما يستر تلك الخروق، وهي متيسرة، ولا بأس أن يلبس اثنين أو ثلاثة، فيحصل بهما تدفئة ويحصل بهما ستر للقدم ونحو ذلك، فيجتنب المسح على الجورب (الشراب) المخرق.
كذلك أيضاً يشترط أن يكون الجورب صفيقاً، والصفيق معناه: الغليظ المتين الذي يستر البشرة ولا ترى من ورائه، فإذا كان خفيفاً فلا يمسح عليه، ويتساهل كثير من الناس فيمسحون مع أن جواربهم شفافة يرى منها البشرة ونحوها.
وقد كانت خفاف الصحابة من جلود وقد يكون فيها خروق، أما جواربهم فإنها تنسج من الصوف ومن الشعر، ويجعلون في أسفلها جلدة يمشون عليها، وقد يلبسون تحتها نعلاً، ولكن كثيراً ما يمشون على الجورب وحده، حيث يجعلون تحته رقعة تقيهم كما يقيهم النعل، فكانت جواربهم غليظة جداً، بحيث إنه لا يخرقها الماء؛ لقوتها، وأنها يمكن المشي عليها حتى في الرمضاء وفي الأرض المليئة بالحجارة، يمكن لأحدهم أن يمشي فيها؛ لقوتها ولغلظها، ولأن تحتها تلك الجلدة، فعلى هذا إذا كان الدليل الذي أبيح لنا فيه المسح على الجوارب هو قصة الصحابة، فلنقف على جواربهم لنعرف أن جواربهم غليظة ليست شفافة، أما الذين يلبسون جوارب شفافة بحيث يخرقها البصر فضلاً عن الماء، فنقول: لا يجوز المسح على مثل هذه؛ لكونها خفيفة.
فالعلماء اشترطوا الصفاقة والغلظ والمتانة في الجوارب، ومعلوم أنك ما لبستها إلا للتدفئة، وإذا كانت خفيفة فلا تحصل بها تدفئة ولا تحصل بها وقاية للقدم، مع أنه لا يمشى بها غالباً وحدها، فكل ذلك دليل على أنه لا بد من التثبت في هذا.