للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[الخيار في البيع]

الحديثان اللذان عندنا نقصر الكلام عليهما؛ لأن الكلام على غيرهما قد يخرجنا، فنقتصر على هذين الحديثين.

الحديث الأول: حديث ابن عمر، وفيه يقول صلى الله عليه وسلم: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً) .

الخيار معناه: أن لكل منهما أن يرجع، فالبائع والمشتري كلاهما يسمى بائعاً، فلهذا قال: (البيعان) ، وفي رواية: (المتبايعان بالخيار) .

وسبب ذلك أنه قد يندم أحدهما فيتمكن من استرجاع حقه ما داما مجتمعين، يقول: (البيعان بالخيار ما لم يتفرقا وكانا جميعاً، أو يخير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك فقد وجب البيع) .

وهذا الخيار يسمى (خيار المجلس) ، وذلك لأنهما ما داما جالسين، أو قائمين، أو راكبين، وتبايعا بقول أحدهما: بعتك هذا الثوب، بعتك هذا الكيس، بعتك هذه السيارة؛ فقال الآخر: اشتريتها بكذا وكذا، فما داما يمشيان جميعاً، فرجع أحدهما وقال: ندمت، فإنه يتمكن من ذلك، فإن رجع البائع فإنه يقدر على الرجوع، وإن رجع المشتري فإنه يقدر على الرجوع، ولو كان قد دفع الثمن، فيسترد ثمنه ويرد السلعة، فهذا معنى الخيار؛ وذلك لأن البيع قد يقع في وقت قصير لا يحصل فيه تأمل ولا تفكر ولا إمعان نظر، فيندم أحدهما، فيندم البائع ويتذكر أنه بحاجة إلى ثوبه أو بحاجة إلى كتابه، فيقول: ندمت؛ أو يندم المشتري ويذكر أنه لا حاجة له في هذه السلعة، وأنه عنده مثلها، أو أنها رفيعة وغالية، فيقول: رد علي دراهمي، وخذ سلعتك، فهذا معنى كونهما بالخيار، فما داما جميعاً لم يتفرقا فإن الخيار ثابت.