[وجه الاستدلال بحديث عائشة على أن المرأة لا تقطع الصلاة]
أما الحديث الذي بعده فقد ذكرت عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل وهي نائمة، وكانت آنذاك صغيرة يعني: ابنة ثنتي عشرة أو ثلاث عشرة سنة أو نحوها؛ فكانت صغيرة في أول الأمر، والصغير قد يغلبه النوم، فكانت ربما يغلبها النوم والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي، فلما كان يكبر كانت البيوت ليس فيها مصابيح أي: لا يوجد فيها سراج ولا مصابيح يستضيئون بها، حتى تعرف متى يسجد، أو حتى تراه.
فكانت تمد رجليها في قبلته؛ وذلك أيضاً لضيق المكان، فلم تجد بداً من أن تنام معترضة قدامه وهو يصلي، فإذا أراد أن يسجد كانت رجلاها في موضع سجوده، فكان يغمز رجليها فتقبضهما، وإذا قام بعد السجود مدت رجليها وبسطتهما، فاستدلت رضي الله عنها بذلك على أن المرأة لا تقطع الصلاة؛ حيث إنها اعترضت قدامه كاعتراض الجنازة كما في بعض الروايات، أو مدت رجليها في قبلته كما في هذه الرواية، فأفاد أن المرأة لا تقطع الصلاة إذا مرت، ولكن ليس في هذا الحديث مرور إنما فيه اعتراضها، أو إنما فيه مد رجليها قدامه.
وعلى كل حال حتى لو قيل مثلاً: إنها مرت بين يديه، فما دام المكان مظلماً وهي لم تمر مروراً تاماً، فإن ذلك لا يدل على أنها لا تقطع الصلاة.
والقول الأرجح أنه لا يقطع الصلاة شيء ولكن ينقصها، ورد ذلك أيضاً في حديث عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(لا يقطع الصلاة شيء، وادرءوا ما استطعتم) يعني: ادفعوا المار مهما تستطيعون، فمهما كنت مستطيعاً فادفع من يمر بين يديك ولو كان لا يقطع الصلاة، أي: ولو كان لا يبطل ثوابها كلياً بحيث تستأنف، ولكن ينقصها، فادفعوا ما استطعتم ممن يمر بين أيديكم.