[حكم خلع المرأة لحجابها استهزاء به وحكم قيادتها للسيارة]
السؤال
حدث أن بعض النساء قمن بخلع الحجاب ودوسه في الأرض، ويطالبن بالحرية وقيادة السيارة، فهل ما قلنه وما عملنه يعتبر من الاستهزاء بالدين؟ وما موقف طالب العلم مما حصل؟
الجواب
لا شك أن هذا الحادث حادث موجع ومفزع لأهل الإيمان ولأهل الغيرة، وأنه مما يحزن النفوس ومما يسيء إلى أهل الخير.
والواجب إنكار مثل هذا على من فعله، وإنكاره على من أقره أو دعا إليه أو حبذ هذه الفكرة ونحو ذلك.
ولا شك أنه ردة، وذلك لأن المرأة التي تلقي الجلباب عن رأسها وتدوسه في الأرض وتقول: هذا آخر العهد بك.
أو: هذا جزاؤك يا أيها الجلباب أو يا أيها الخمار هذا يعتبر استهزاءً بما جاء به الشرع، من قوله تعالى: {وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ} [النور:٣١] ، وقوله تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلابِيبِهِنَّ} [الأحزاب:٥٩] أي: أكسيتهن وأرديتهن وقول النبي صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إحدانا ليس لها جلباب.
قال: (لتلبسها صاحبتها من جلبابها) وما أشبه ذلك.
فإذاً هذه التي قالت هذه المقالة قد ردت على الله عز وجل، فيعتبر ذلك ردة والعياذ بالله.
كذلك اللاتي صدر منهن تلك الأفعال يعتبر ذلك من باب الاستهزاء، وقد ذكرنا أن المستهزئ بالدين يخرج من الملة وأنه يدخل في الكفر والعياذ بالله؛ لأنه استهزأ بالشرع، والاستهزاء بالشرع استهزاء بمن شرعه وهو الرب تعالى، وبمن بلغه وهو الرسول صلى الله عليه وسلم.
وعلى كل حال فالواجب على المسلم أن يكون منكراً لهذه الحوادث ونحوها، ومنكراً على الدعاة إليها، ويبين للمسلمين الذين يجهلون فظاعة هذا الأمر وشناعته، ويبين أن الواجب على المرأة أن تقر في بيتها؛ لقوله تعالى: {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ} [الأحزاب:٣٣] ، وإقراره صلى الله عليه وسلم لابنته لما قالت: (خير للمرأة أن لا ترى الرجال ولا يروها) ، ومعلوم أنها إذا قادت السيارة برزت للرجال، وقد تكون وحدها تشق الأسواق وتقطع الطرق والبلد من جهة إلى جهة، وتتعرض لمن يعترض لها، وربما يشير إليها رجل في ثياب امرأة، وربما تشير إلى رجل إذا كانت قليلة الإيمان، فيركب معها كأنه محرم أو كأنه قريب لها، وربما يحدث خراب في السيارة، فمن يصلحها ومن يساعدها على ذلك؟ وربما حصل منها حادث فمن يحقق معها؟ وما أشبه ذلك من المحذورات.
فلا شك أن المرأة لا يجوز لها ولا يصح أن تتولى مثل هذه الأعمال العامة؛ لما في ذلك من المحاذير.
ولا يصح ما ذكروا أن الصحابيات كن يقدن الإبل أو يركبن البعير، أو المسلمات كن يركبن البعير ونحو ذلك، ولا يصح أن يقاس على ذلك؛ لأن المرأة قد نهيت من أن تسافر ولو بريداً وليس معها محرم، وإنما تسافر مع المحرم، والعادة أن النساء إذا سافرن لا تركب على ظهر البعير، بل تركب في هودج يستر جرمها كله، ويسمى بالمحمل الذي يكون على جنب البعير، وربما يجعل على ظهر البعير ويسمى (عمارية) ، من باب ستر المرأة وأن لا يبرز حتى جرمها، هكذا كانت غيرة المسلمين، إذا سافروا بالنساء جعلوهن في داخل الهوادج وفي داخل المحامل، وستروهن غاية الستر، وإذا اضطرت إلى ركوب البعير إلى مكان قريب فالبعير ليس كالسيارة، البعير يمكنها أن تقوده، ويمكنها أن تريحه، ولا يحصل غالباً منها شيء من الحوادث، ولا يحصل تعطل، ولا حاجة إلى من يصلحه ولا إلى غير ذلك، فالفرق شاسع بين البعير والحمار، والسيارات التي تحتاج كثيراً إلى من يصلحها، فلا ينبغي أن يكون هذا دليلاً مبيحاً لهذه المسألة.
وعلى كل حال المرأة قد كفاها الله المئونة، فلها محارم ولها أقارب ولها جيران يبلغونها ويسيرون بها ويقضون حوائجها، وهي في بيتها مكتنة، وخير ما للمرأة منزلها.