قال المؤلف رحمه الله تعالى: [ما يلبس المحرم من الثياب قال صلى الله عليه وسلم: (لا يلبس القميص ولا العمائم ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفاف، إلا أحد لا يجد نعليه فليلبس خفين، وليقطعهما أسفل من الكعبين، ولا يلبس من الثياب شيئاً مسه زعفران أو ورس) ، وللبخاري رحمه الله:(ولا تنتقب المرأة ولا تلبس القفازين) .
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال:(سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفة: من لم يجد نعلين فليلبس خفين، ومن لم يجد إزاراً فليبس سراويل) يعني: للمحرم.
وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (أن تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم: لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك) قال: وكان عبد الله بن عمر يزيد فيها: لبيك لبيك وسعديك، والخير بيديك، والرغباء إليك والعمل] .
في هذا الحديث لباس المحرم، والإحرام: هو نية النسك.
والنسك: هو العمل الذي يتلبس به المحرم إذا قدم إلى مكة أو إذا أقبل إليها، ولا شك أن القاصدين مكة إما أن يقصدوا حجاً أو عمرة أو يجمعوا بينهما، فالذي يقصد حجاً يسمى مفرداً، والذي يقصد عمرة يسمى معتمراً، وإن كان في أشهر الحج يسمى متمتعاً بالعمرة إلى الحج، والذي يجمع بينهما يسمى قارناً، وقد عرفنا أن الحجاج إذا اقبلوا إلى مكة رفعوا أصواتهم بالتلبية مجيبين دعوة الله على لسان إبراهيم حيث أمره بقوله:{وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ}[الحج:٢٧] ، فيقولون:(لبيك لبيك) .
ثم يتجردون من لباسهم المعتاد، ويلبسون لباساً خاصاً هو الذي شرعه وبينه لهم النبي صلى الله عليه وسلم، فيتركون لباس الرفاهية ولباس التنعم الذي كانوا قد اعتادوه، ولباس التوسع الذي توسعوا به في حياتهم، ويختصون بلباس واحد وبزي واحد يشترك فيه صغيرهم وكبيرهم، وأميرهم ومأمورهم، وسيدهم ومسودهم، وحرهم وعبدهم، لا فرق بين أسودهم وأحمرهم وأبيضهم، كلهم على حد سواء في هذا اللباس.
فلأجل ذلك ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أحرم في إزار شد به عورته، وفي رداء ألقاه على ظهره.
والإزار: هو ما يستر العورة من السرة إلى الركبة أو إلى ما تحت الركبة، والرداء: ما يرتدي به ويلف به جسمه فيلقيه على ظهره ويرده على منكبيه وعلى صدره، ويستر به عضديه وجنبيه وظهره وبطنه، هذا هو الرداء، وأحرم في نعلين لبسهما في قدميه، فهذا هو الذي أحرم فيه.