[حكم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته بكاف الخطاب]
ثم قولنا:(السلام عليك أيها النبي) الصحيح أنه يؤتى بهذه اللفظة في كل الأوقات وفي كل الأزمنة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعد مماته، لكن ورد في بعض الروايات عن ابن مسعود أنه قال:(كنا نقول ذلك في حياته وهو بيننا فلما مات قلنا: السلام على النبي) يعني: كأنه يقول: إننا نقول: (السلام عليك) لما كان حاضراً يسمع، فلما توفي قلنا:(السلام على النبي) ، ولم نقل: عليك؛ لعدم التمكن من مخاطبته.
ولكن لا مانع من استعمال الخطاب له؛ وذلك لأن السلام يبلغه من أمته كما في قوله صلى الله عليه وسلم:(ما من مسلم يسلم عليّ إلا رد الله عليّ روحي حتى أرد عليه السلام) وقال: (إن لله ملائكة يبلغونني من أمتي السلام) .
وقد أمر عليه الصلاة والسلام بأن يسلم عليه البعيد والقريب، وأخبر بأنه يبلغه من أي مكان؛ وذلك لقوله صلى الله عليه وسلم:(وصلوا عليّ -وفي رواية-: وسلموا عليَّ؛ فإن صلاتكم أو تسليمكم يبلغني حيث كنتم) فنحن إذا قلنا: (السلام عليك أيها النبي) أو (الصلاة على النبي) بلغه ذلك من أي مكان كان، تبلغه إياه الملائكة، ولا شك أيضاً أن في ذلك ثواباً عظيماً؛ لأن الله تعالى أمر به في قوله:{وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[الأحزاب:٥٦] ولا يأمر إلا بما هو طاعة، فيعتبر هذا ذكراً من الأذكار والأذكار أيضاً يثاب عليها العبد.