[إسباغ الوضوء وإتباعه بصلاة ركعتين سبب لمغفرة الذنوب]
في هذا الحديث يقول:(رأيت النبي صلى الله عليه وسلم توضأ نحو وضوئي هذا ثم قال: من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر الله له ما تقدم من ذنبه) ، وقد رتب هذا الثواب على هذا العمل للأسباب التالية: أولاً: أنه امتثل بهذا الوضوء الكامل الشرعي.
ثانياً: أنه أتى به كاملاً وهو التثليث.
ثالثاً: أنه بادر وصلى بعده تطوعاً واختياراً منه.
رابعاً: أنه أخلص في صلاته وكملها.
خامساً: أنه حفظها عما ينقصها، فلم يحدث فيها نفسه بشيء من أمور الدنيا التي تنافي ما هو فيه من العبادة.
فإذا فعل ذلك فإنه دليل على قوة إيمانه وقوة يقينه، فيترتب على ذلك أن يغفر الله له ذنوبه، إذا كان ذلك عن عزم ونية صادقة.
والحاصل: أن هذا من الأحاديث التي بين فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما أجمله الله تعالى من الآيات، وأمر نبيه ببيانها البيان الفعلي، وقد وردت أحاديث تبين البيان القولي، ومعلوم أن هذا الحديث فيه دلالة على أهمية التعليم بالفعل؛ لأنه قد يكون أتم من التعليم بالقول، والإنسان إذا قلت له: إذا توضأت فقل كذا وافعل كذا وكذا، فقد لا يفهم، حتى تأتي بالماء وتقول: هكذا هو الوضوء، اغسل يديك مثلي هكذا، وامسح رأسك هكذا، فإذا شاهد بعينيه كان ذلك أبلغ لفهمه ومعرفته، هكذا فعل النبي عليه السلام، وهكذا فعل عثمان وغيره من الصحابة الذين علموا الناس بالأفعال زيادة على التعليم بالأقوال.