أما حديث أبي سعيد فيتعلق بمقدار النصاب، وذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم أجمل في حديث معاذ فقال:(تؤخذ من أغنيائهم) ، فمن هو الغني؟ الغني حدده النبي عليه الصلاة والسلام، فذكر أنه الذي يملك من الدراهم مائتي درهم، والدرهم قطعة من الفضة كان يتعامل بها، وهي معروفة الوزن، وأيضاً من الذهب عشرين مثقالاً أو عشرين ديناراً، والدينار قطعة من الذهب معروفة كانت ومتداولة، ومعروف قدرها، وقدرت الفضة بأنها ستة وخمسون ريالاً سعودياً بالريال الفضي المعروف قديماً الذي صنع في عهد الملك عبد العزيز رحمه الله، وكان مرسوماً عليه (ريال عربي سعودي واحد) ، أما بعد اختفائه وقيام هذه الأوراق النقدية فتعتبر قيمته، أي قيمة الستة والخمسين من الأوراق، فما دام أن الريال الفضي موجود فينظر إلى قيمته، فإذا طلب الريال الفضي فكم يبذل فيه من الريال الورقي؟ هل يبذل فيه عشرة أو عشرون أو ثلاثون، وتضرب في ستة وخمسين، فما بلغ فهو نصاب الفضة.
وأما نصاب الذهب فإنه عشرون مثقالاً، وقدرت بأنها من الجنيه المعروف أحد عشر جنيهاً ونصفاً.
والرسول عليه السلام ذكر الفضة فقال:(ليس فيما دون خمس أواق صدقة) ، والأواق: جمع أوقية من الفضة، والأوقية أربعون درهماً، والخمس الأواقي مائتا درهم، فيخبر بأن من كان عنده أقل من خمس أواق -أي: أقل من مائتي درهم- فلا زكاة عليه؛ لأنه فقير، وليس عنده إلا ما يسد حاجته، ولا يصدق عليه أنه غني.
أما الإبل فقدرها بخمس، فقال:(ليس فيما دون خمسٍ ذود صدقة) والذود اسم لا مفرد له، يعرفه أهل البادية بأنه الإبل؛ لأنها تذاد عن الحياض ونحوها، فيقول:(ليس فيما دون خمس ذود صدقة) أي: إذا لم يكن له إلا أربع من الإبل فلا تجب الزكاة عليه، فإذا بلغت خمساً ففيها الزكاة، وزكاتها من الغنم واحدة.
أما الغنم فأقل نصابها أربعون من الغنم، ففيها شاة، ولم تذكر في هذا الحديث، ولكن ذكرت في حديث غيره.
أما الخارج من الأرض فإن العادة أنه يكال ويقدر، فيقول في هذا الحديث:(ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) ، والوسق: ستون صاعاً، والخمسة الأوسق ثلاثمائة صاع، والصاع النبوي مثل الصاع الموجود عندنا، إلا أنه يمسح مسحاً، فلا يجعل عليه علاوة، إنما يمسحونه مسحاً ثم يفرغونه.
فقدرها العلماء في هذا الزمان بأنها مائتان وسبعون صاعاً بالصاع الموجود الذي له علاوة؛ لأن الناس أصبحوا يكيلون ويجعلون علاوة، فمن كان عنده زرع حصل له منه مائتان وسبعون صاعاً ففيه الزكاة، وما دون ذلك فإنه أقل من نصاب فلا زكاة فيه.
والتمور كذلك أيضاً؛ لأن التمر كان يكال، فيجفف التمر ثم يكال في الصاع كما يكال القمح، فإذا بلغ ثمر النخل خمسة أوسق -أي: ثلاثمائة صاع بالصاع النبوي- ففيه الزكاة، وما دون ذلك فلا زكاة فيه لكونه قليلاً، فيكون بقدر كفاية صاحبه، فهذا الحديث اشتمل على نصاب الزكوات.