[الحكمة من حمل العنزة عند قضاء الحاجة في حديث أنس]
وأما العنزة فذكروا أن حملها لأمرين: الأمر الأول: أنه كان يحفر بها الأرض، وذلك لأن الأرض قد تكون صلبة، فإذا وقع البول عليها تطاير رشاشة على الثوب أو على الجسد فيتنجس منه؛ فلأجل ذلك قالوا: يختار أن يبول في أرض لينة رخوة حتى لا يتطاير الرشاش على بدنه أو ثيابه فينجس وهو لا يشعر، فيحفر الأرض الصلبة، أو يختار أرضاً رطبة لينة رخوة، وإذا كان في أرض مبلطة كما هو الحال اليوم في أكثر المراحيض فإنه يحتاط حتى لا يتطاير الرشاش، وذكروا أنه أيضاً إذا ألصق ذكره بالأرض أمن رشاش البول، وعلى كل حال فعليه أن يحتاط لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول:(تنزهوا من البول فإن عامة عذاب القبر منه) ، والتنزه هو التحفظ من النجاسة وهو واجب حتى تقبل الصلاة، وحتى لا يصلي الإنسان وعليه شيء يبطل عبادته.
وأما القول الثاني: فهو أنه كان يتخذها سترة، واستدلوا به على أن الإنسان إذا جلس على حاجته يستر نفسه عن أعين الناظرين، هذا إذا كان يبول أو يتغوط في صحراء.
فكان من هدي النبي عليه الصلاة والسلام أولاً: أنه يذهب بعيداً حتى يختفي عن أعين الناس، وإذا كان قريباً اتخذ سترة من شجرة أو جبل أو حائط أو شيء شاخص، أو ينزل في مكان منخفض من الأرض ليخفي شخصه؛ لأنه على حالة مستقذرة فيستر نفسه، وأحياناً يكون معه عنزة وهي حربة صغيرة فيغرسها في الأرض وينشر عليها ثوباً حتى يستره عن أعين الناظرين، فكل هذا دليل على تأكد الاستتار والاختفاء عن الناس.