فهذه المجافاة يفعلها بقدر استطاعته، فإذا كان إماماً تمكن من التجافي فيجافي عضديه عن جنبه، أما إذا كان مأموماً، فالغالب أنه لا يتمكن تمكناً زائداً؛ وذلك لأن المأمومين يصف بعضهم بجانب بعض، ويؤمرون بأن يتراصوا ولا يتركوا بينهم خللاً، فلا يتمكن كل منهم في السجود من المجافاة الكثيرة، بل يتجافون بقدر ما يستطيعون، فكل منهم يجافي عضديه عن جنبيه بقدر استطاعته سواء قلت المجافاة أو كثرت.
أما بالنسبة لمجافاة البطن عن الفخذين، والفخذين عن الساقين فإنها تكون متوسطة، وقد وصفت في بعض الروايات: بأن ينصب فخذيه، أي: أن تكون فخذاه منتصبة يعني: قائمة، فيعتمد على ركبتيه، ويكون فخذه شبه مرتفع أي: قائم، فلا يميل إلى جهة الساق ولا يميل إلى جهة الأرض، فإن في ميله إلى جهة الأرض شيئاً من المشقة والصعوبة عليه، وفي ميله إلى جهة الساق شيئاً من الكسل أو نحو ذلك.
فنرى أن بعض الناس إذا سجد أبعد موضع جبهته بعداً زائداً كمتر أو نحوه! ففي ذلك شيء من المشقة، حيث يشق على نفسه حتى ربما تجاوز الفراش الذي يصلي عليه، أو سجد على الفراش الثاني وربما ضايق الصف الذي أمامه إذا كان هو في الصف الثاني ونحو ذلك.
ونرى آخرين يسجد أحدهم بين ركبتيه! فيجعل رأسه أو وجهه أو ذقنه قرب ركبتيه فلا تحصل بذلك مجافاة.
والوسط هو المشروع، فإذا جعلت بين رأسك وبين ركبتك قدر نصف متر أو نحو ذلك كان فيه شيء من الاعتدال، وليس فيه شيء من المشقة، هذا هو التفريج الذي ذكر في هذه الأحاديث.