بيع الذهب المصوغ مشتهر، ومعلوم أن الذهب المصوغ والفضة المصوغة لها قيمة تزيد على قيمتها عندما كانت غير مصوغة؛ لأنه لا شك أن الصياغة لها قيمة، فأنت -مثلاً- إذا كان عندك قطع أو سبائك ذهب وجئت إلى الصائغ وأمرته أن يصوغها لك حلياً: قلائد، أسورة، خواتيم، أقراطاً، أو أي شيء مما يتحلى به؛ فلا شك أنه لا يصوغه إلا بمصلحة، فيقول: أجرتي على هذا مائة أو ألف، فمثلاً: إذا كان قيمته عشرين ألفاً فقد يأخذ عليه -مثلاً- ألفاً مقابل الصياغة، فإذا أردت بيعه بذهب فنقول: بعض العلماء يجوز بيعه بذهب زائد على وزنه، فإذا كان وزنه -مثلاً- ربع كيلو، وتريد أن تبيعه بذهب مضروب جنيهات؛ فيجوز أن تزيد فيه، وقد تقول: هذا ما يستعمل إلا نقوداً، ولكن الصحيح: أنه لا يباع إلا بمثله، وإذا أراد الفائدة فيبيعه بغير جنسه، يبيعه بفضة أو يبيعه بأوراق نقدية أو نحو ذلك.
وهكذا أيضاً كثيراً ما يحدث شراء الحلي بثمن مؤجل، وهذا لا يجوز، فالحلي من النقود أصله نقود، فلا يجوز بيعه إلا مثلاً بمثل، يداً بيد، لكن إذا لم يكن معك نقود كافية، ودخلت تشتري قلائد أو نحوها، ووجدت وزنها -مثلاً- مائة جرام، وقيمتها عشرون ألفاً، فنظرت وإذا معك عشرة آلاف، فأخذت القلائد التي وزنها مائة جرام وأعطيته عشرة آلاف، فقال البائع: أين العشرة الأخرى؟ فقلت: ليست معي، فماذا يكتب في ذمتك؟ لا يكتب: في ذمتك عشرة آلاف، بل يكتب: في ذمتك مائة جرام من الذهب عيار كذا وكذا، سباكة كذا وكذا، فإذا أتيته بالقيمة بعد خمسة أيام فوجدت أن خمسين جراماً قيمتها اثنا عشر ألفاً أو قيمتها ثمانية آلاف فلا يستحق عليك إلا ثمنها وقت الوفاء، فاكتبها في ذمتك ذهباً ولا تكتب دراهم حتى لا يكون بيع ذهب بفضة مع عدم التقابض، فيكون في ذمتك ذهب، فبهذا يسلم المتبايعان من الوقوع في المخالفات.