للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية ترتيب الصفوف]

ويؤمر المصلون في ترتيب الصفوف أن يتقدم في الصف الأول الرجال البالغون وأهل الفضل؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم) ؛ ولذلك ذكر العلماء من يلي الإمام فقالوا: يليه من المصلين الرجال البالغون، ثم بعدهم الأطفال، ثم يليهم النساء، فجعلوا الأطفال الذين هم الصبيان في المؤخر؛ وذلك لعدم رشدهم، وعدم معرفتهم التامة بهيئة الصلاة.

ومع ذلك إذا تقدم أحدهم وهو مميز وقد عقل ما يقول، فلا بأس أن يصلي في وسط الصف، وإن كان المندوب أن يكون الأطفال الذي دون العشر في أطراف الصف، ويجوز إذا صفوا من الوسط إذا لم يُخش منهم شيء من العبث وما يذهب الطمأنينة ويقلل الخشوع، فإن عادة الطفل أن يكون معه شيء من الحركة.

وقد ورد الحث على الصف الأول كقوله صلى الله عليه وسلم: (لو يعلمون ما في التهجير لاستبقوا إليه -التهجير التبكير-، ولو يعلمون ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا) ، والمراد أنهم لو يعلمون فضيلة الصف الأول لاندفعوا جميعاً ودخلوا دفعة واحدة، ولم يجدوا إلا أن يقترعوا عليه لينظروا من هو أولى به، ومن تخرج له القرعة حتى يكون في الصف الأول! ولا شك أن هذا دليل على فضل الصف الأول.

كما تفضل ميامن الصفوف، وقد ورد في ذلك حديث أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف) يعني: على أيمن الصف، فأيمن الصف أفضل، ولكن القرب من الإمام أفضل من البعد ولو كان على اليمين، فيفضل إذا كان على اليسار وبينه وبين الإمام عشرة مثلاً على من كان في جهة اليمين وبينه وبين الإمام عشرون أو ثلاثون رجلاً، وما ذاك إلا لمزية القرب وأهميته، فإن القرب من الإمام أيضاً له ميزة كما ذكرنا في قوله: (ليلني منكم أولو الأحلام والنهى) ، ثم هو دليل على التقدم، فالقرب من الإمام والسبق إلى الصف الأول له أهميته ومزيته.

أما صلاة النساء فورد في بعض الأحاديث قوله صلى الله عليه وسلم: (خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها، وخير صفوف النساء آخرها، وشرها أولها) فأخذوا من ذلك أن النساء يقمن صفوفاً كما يقوم الرجال صفوفاً، والمرأة كلما بعدت عن الرجال كان ذلك أفضل لها وأسلم، ولكن ذكر بعض العلماء أنه إذا كان بينهن وبين الرجال حاجز وهن يسمعن الصوت بواسطة المكبر كما في هذه الأزمنة فإنهن يبدأن بالصف الأول كما يبدأ الرجال؛ وذلك لأنهن لو بدأن بالصف المؤخر لأدى ذلك إلى مرور المتأخرات أمام المتقدمات، فيكون في ذلك شيء من قطع الصلاة أو نحوه، فيُفضل والحال هذه أن يبدأن بالصف الأول كما يبدأ الرجال.

وعلى الإنسان أن يحرص على القرب من الإمام ومحاذاته إن استطاع، وإذا فاته ذلك فليحرص على أن يكون عن يمين الإمام، وإذا فاته ذلك فليحرص على أن يكون في الصف الأول، ثم في الذي يليه، وفي هذه فضل وهو مهم.