وقد علل العلماء في الفرق بين الذكر والأنثى بتعليلات: فمنهم من قال: إن الأنثى مخلوقة من لحم ودم نجس، وإن الذكر -الذي هو آدم- مخلوق من التراب والطين، والتراب طاهر.
ولكن لو كان ذلك لم يكن هناك فرق بين الكبير والصغير، ومعلوم أن بول الكبير نجس فلا يكون له هذا الحكم.
ومنهم من قال: إن بول الصبي ينتشر ويشق تتبعه؛ فلأجل ذلك اكتفي فيه بالنضح، وبول الجارية لا يشق تتبعه، فألزم بأن يغسل إلى أن ينظف، ولعل هذا مقارب.
ومنهم من قال: إن الصبي تعلقه النفوس وتحبه، ويكثر حمله ونقله وإجلاسه، فيبتلى الناس بنجاسته كثيراً، فيكون من آثار هذا الابتلاء وهذه المشقة التيسير؛ فإن المشقة تجلب التيسير.
ولعل هذا أيضاً مقارب في الفرق بينهما، وهو أن الصبي تعلقه النفوس وتحبه، ويكثر حمله والابتلاء بنجاسته.
أما في هذه الأزمنة فإنه يمكن التحفظ من بولهما معاً بهذه الحفائظ التي تجعل على عورته في حال صغره، حتى لا تتعدى نجاسته لا بولاً ولا غائطاً، ومعلوم أن هذا الحكم خاص بالبول الذي هو الماء السائل، وأما الغائط فإنه كسائر النجاسات، يغسل كما تغسل النجاسات، ولا يتسامح فيه كما يتسامح في البول.
فالغائط نجس من صغير وكبير وذكر وأنثى، والبول نجس من الكبير ونجس من النساء صغيرهن وكبيرهن، ونجس أيضاً من الطفل، إلا أن نجاسته مخففة ويكتفى في إزالته بالنضح الذي هو الصب، وأما سائر النجاسات فإنها تغسل إلى أن يذهب عين النجاسة.
وقد ذهب بعض العلماء إلى أنه لا بد من سبع غسلات لإزالة بول الجارية، أو بول الكبير، أو الغائط، ولكن الصحيح أنه لا حاجة إلى عدد؛ بل يكتفى في ذلك بمجرد إزالة العين، فمتى زالت عين النجاسة وذهب أثرها اكتفي بذلك وطهر المكان، ولا فرق حينئذ بين الثياب وبين الجسد وبين الأواني التي وقعت عليها النجاسة، وبين غيرها من سائر ما يتنجس.