إذا لم يكن الزاني محصناً -وهو الذي لم يسبق أن تزوج- فعقوبته أخف؛ عقوبته أن يجلد مائة جلدة، ولكن يشدد عليه في الجلد، قال الله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلا تَأْخُذْكُمْ بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ}[النور:٢] الرأفة: الرحمة، أي: لا ترحموا الزناة، ولا تخففوا عنهم الجلد، بل شددوا عليهم، وزيدوا في شدته؛ وذلك لتأليم أجسامهم، فهذه الأجسام التي تلذذت في حرام ألجموها بهذا الألم، وبهذا الجلد، وشددوا فيه ليكون ذلك زاجراً لهم عن مقارفة هذه المعصية البشعة الشنيعة، وشددوا عليهم حتى لا يعودوا لمثلها، وحتى ينزجر أيضاً غيرهم، وأمر بأن يعلن جلد الزاني، وأن يكون على مشهد من الناس حتى يشتهر، فيقام هذا الزاني أمام جمع من الناس في المكان الذي تجتمع فيه الجموع الكثيرة، ويشهر أمامهم، ويقال: هذا زانٍ، ثم يجلد سواء كان قائماً أو مضطجعاً، ويزال ما عليه من الثياب الغليظة كفراء أو عباءة غليظة، ويترك عليه ثوب يستره، ثم يجلد هذا الجلد.
وله عقوبة أخرى، وهي: التغريب، ففي صحيح مسلم من حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(خذوا عني خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) ، هذا الحديث وضح فيه النبي صلى الله عليه وسلم الآية الكريمة التي في سورة النساء، وهي قوله تعالى:{فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلاً}[النساء:١٥] فقال: (إن الله قد جعل لهن سبيلاً) ، والسبيل هو: بيان ما يجب عليهن، فالبكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، فيجلد مائة ثم ينفى سنة إلى بلاد بعيدة، ويفرق بينه وبين أسرته، بينه وبين أبويه أو إخوته أو أقاربه، ينفى إلى بلاد بعيدة ويكون غريباً حتى يبتعد عن أصدقائه وخلطائه الذين كانوا يوقعونه في هذه الفواحش أو يزينونها له، فربما إذا فارقهم هذه المدة تاب وتغيرت حاله.
وذهب بعضهم إلى أن التغريب يحصل في السجن، فيسجن لمدة سنة حتى يتوب.