[تعريف الزكاة وأهميتها وحكمتها]
قال المؤلف رحمنا الله تعالى وإياه: [كتاب الزكاة.
عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لـ معاذ بن جبل حين بعثه إلى اليمن (إنك ستأتي قوماً أهل كتاب، فإذا جئتهم فادعهم أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فإن هم أطاعوك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك بذلك فأخبرهم أن الله قد فرض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم، فإن هم أطاعوك بذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم، فإنه ليس بينها وبين الله حجاب) .
وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ليس فيما دون خمس أواق صدقة، وليس فيما دون خمس ذود صدقة، وليس فيما دون خمسة أوسق صدقة) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (ليس على المسلم في عبده ولا فرسه صدقة، وفي لفظ: إلا زكاة الفطر في الرقيق) ] .
ابتدأ في كتاب الزكاة، والزكاة قرينة الصلاة، وقد ذكرت الزكاة والصلاة في القرآن في مواضع عديدة قد تصل إلى ستين موضعاً أو نحوها، ولا شك أن اقترانها بالصلاة دليل على أهميتها، وذلك لأن الصلاة عبادة بدنية، والزكاة عبادة مالية، فكما أن الله تعبد الإنسان في بدنه بعبادة محضة من قيام وركوع وسجود وذكر ودعاء وقراءة ونحوها فإنه قد تعبده في ماله، فهذا المال الذي رزقه الله إياه ويسر له أسبابه قد فرض عليه فيه حقاً، هذا الحق هو هذا الجزء المعين المعلوم منه الذي أمره الله بإخراجه، وسماه (زكاة) .
والزكاة في اللغة: النماء أو الطهارة.
يقولون: زكا المال إذا نما وكثر، أو إذا طهر ونقي، وزكيت الشيء: إذا طهرته ونقيته.
ومنه تزكية النفس، وهو تطهيرها وإزالة ما علق بها، قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا} [الشمس:٩] ، وقال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ تَزَكَّى} [الأعلى:١٤] يعني: طهر نفسه من الأدناس ونحوها، فسميت الزكاة بذلك لأنها تطهر المال وتنميه؛ ولأنها قربة إلى الله وطاعة لأمره، وقد أكد الله تعالى الأمر بها، قال تعالى: {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا} [التوبة:١٠٣] أي: تطهر أموالهم وتزكي أموالهم.
يعني: تنميها بهذه الزكاة، فهذا من الحكمة في شرعيتها.
ومن الحكمة أنها طعمة للفقراء، قال الله تعالى: {وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [الذاريات:١٩] ، وقال تعالى: {وَالَّذِينَ فِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ * لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ} [المعارج:٢٤-٢٥] .
فجعل الله الزكاة حقاً، والحق هو الواجب، وجعلها في أموالهم، وبين مستحقها وأنه المحروم الذي هو فقير ولكنه لا يسأل، والسائل هو الذي يطلب من الناس ويستجدي، فهذان من جملة أهلها.