قد يقال: إن بينهما تفاوتاً؛ وذلك لأن قيمة الرطب أغلى بكثير من قيمة التمر الذي قد مضى عليه سنة، والغالب أنه قد اسود وقد بدأ فيه التغير! فنقول: هذا صحيح، ولكن قد يكون أفضل عند كثير من الناس، ومعلوم أن التمر الذي قد مضى عليه سنة أحسن حلاوة وأقوى طعماً من التمر الجديد، وإن كان التمر الجديد له حلاوة وله فاكهة وله لذة حاضرة، ولكن لاشك أن التمر الذي قد نضج وقد مضى عليه مدة وهو ناضج يكون أقوى طعماً، وهذا من جهة.
ومن جهة ثانية أن أهل النخل قد يحتاجون إليه علفاً لدوابهم، وقد يكون التمر الذي في النخل لا يصلح علفاً، فيأخذون هذا التمر في عيبة ونحوها ويبيعونه بهذا الرطب الذي في النخلة.
وقد ذكرنا أيضاً أنه لابد من البدو والصلاح، فلابد أن يكون قد بدا صلاحه في هذه الشجرة، وبدو الصلاح أن يحمر أو يصفر، ومعلوم أن التمر عندما يكون بسراً أو بلحاً يكون لونه أخضر كله، ثم إذا قارب النضج وقارب الاستواء فإنه يصير إما أصفر وإما أحمر، ومعلوم هذا كما هو مشاهد، ثم بعد ذلك يبدأ في النضج ليكون رطباً، وما كان أحمر يكون لونه أسود أو قريباً من السواد، وغيره يكون لونه أحمر، فلا يباع إلا إذا بدا صلاحه، فالعرايا لا تباع إلا إذا بدا صلاحها.
وقد تقدم أنه يجوز بيعها بالدراهم، ولكن تبقى في رءوسها، وتكون إذا تلفت من ضمان صاحبها وهو صاحب النخل، وهي المسألة التي تقدمت وعرفت بوضع الجوائح، فهذه مسألة العرايا.