في حديث جابر أنه كان يصلي العصر والشمس نقية، يعني: لم تبدأ في الاصفرار، فالشمس إذا كانت نقية لا يمكن للناظر أن ينظر إليها لقوة شعاعها، أما إذا بردت فإنه يستطيع أن ينظر إليها، ولا يكون فيها شعاع قوي، فيقول: إنه كان يصلي والشمس نقية، لم يبدأ تغيرها واصفرارها، وهذا يدل على التبكير بها، وقد وردت أدلة في التبكير بالعصر حتى قال في الحديث:(بكروا بالعصر، فإن من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله)(وتر) يعني: سلب أهله وماله، وسيأتينا بعض الأدلة في أهميتها.
وذكر في حديث أبي برزة كان يصلي العصر فيذهب أحدهم إلى رحله في أقصى المدينة والشمس حية، أي: لم تغب، وأقصى المدينة يبعد مسيرة ساعتين على الأقدام بالسير المعتاد، يعني: أنه يقطع تلك المسافة التي هي مسيرة ساعتين بعد العصر، ويصل إلى أهله والشمس حية لم تغب مما يدل على أنه يبكر بها، أي: بين فراغه من صلاة العصر وغروب الشمس أكثر من ساعتين، هذا في النهار المعتدل وقد ينقص أحياناً إذا نقص النهار، وقد يزيد إلى ساعتين ونصف، أي: بين الفراغ من العصر وبين غروب الشمس، وذلك يختلف باختلاف طول النهار وقصره، ولكن الغالب وهو الوسط أنه يكون ساعتين ونحوها.
أقصى المدينة يقال له: العوالي، وكانت تبعد هذه المسافة، وهي لا تزال موجودة وراء قباء بنحو اثنين أو ثلاثة كيلو؛ فيدل على أن المسافة طويلة.
فالحاصل: أنه كان يصلي العصر مبكراً، والشمس نقية لم يدخلها شيء من التغير، ويقطعون تلك المسافة في وقت النهار يعني: في بقية النهار.