الوثائق كثيرة، فمنها: الكتابة التي تكتب بين المتبايعين إذا كان البيع مؤجلاً، وقد أمر الله بها بقوله:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَدَايَنتُمْ بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ}[البقرة:٢٨٢] ، فهي وثيقة، والإشهاد وثيقة، وذلك بأن يُشهد اثنين على أن فلاناً استدان مني كذا وكذا، حتى لا يضيع حقه.
والرهن وثيقة؛ لأنه يتوثق به على ضمان أخذ حقه عند حلوله.
والكفيل أو الضمين وثيقة؛ لأنه إذا عجز عن أخذ حقه من المدين رجع إلى الكفيل أو الضمين وأخذ الحق منه؛ لأن هذا قد تكفل بأداء الحق أو بإحضاره أو نحو ذلك، وبلا شك أن هذا دليل على عناية الشرع بحفظ الحقوق، والنهي عن التساهل في حقوق بني الإنسان، فالناس تأتيهم حاجات، ويحتاج بعضهم إلى بعض، فأحدهم يحتاج إلى من يقرضه، يحتاج إلى من يتصدق عليه، أو ما أشبه ذلك، فما دام أنه تمسه الحاجة ولابد فإنه يأتي بما يضمن أنه يرد على صاحب الحق حقه.
والإنسان البائع قد يربح في بيعه بالثمن الغائب، ولكن يريد أن يتوثق من ثمنه، والمقرض الذي أقرض أخاه ولم يربح عليه، ولكنه نفعه؛ يريد وثيقة يتوثق بها، وهكذا بقية المنافع.
فشرعية هذه الوثائق دليل على أن الشرع الشريف اعتنى بالحقوق، وأمر بأن تقيد وتثبت، ونهى عن الاختلاف والتساهل بحقوق بني الإنسان، وورد الشرع بالتحذير من أخذ حق لمسلم، وأن التساهل في أخذ الحقوق يعتبر اعتداءً على المسلمين، وأن الإنسان إذا استدان ديناً فإذا وثق به أهل الدين فعليه أن يحسن الظن، وأن يوفي بالوعد، وربه يساعده، كما ورد في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:(من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدى الله عنه، ومن أخذها يريد إتلافها أتلفه الله) .