وعلى هذا فالغرض من الإبراد هو أن يحضر الإنسان قلبه في الصلاة، فلا يصلي وقلبه منشغل بشيء يمله أو يضجره أو نحو ذلك، ومنه الحديث الذي يذكر فيه:(أنهم كانوا يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم في شدة الحر، حتى إن أحدهم إذا سجد يفرش طرف ردائه أو كمه ويسجد عليه) ، فهذا دليل على أنهم قد يصلون أحياناً في مكان شديد الحرارة.
ومعلوم أيضاً أنهم كانوا يصلون على الأرض، وقد تكون الأرض حصباء، فإذا وقعت عليها الشمس حميت تلك الحصباء، ولا تبرد إلا في قرب وقت العصر، فيضطرون إلى أن يصلوا، فلا يجد أحدهم بداً من أن يفرش طرف ردائه أو يفرش طرف كمه أو طرف عمامته ويسجد عليه، ليقي جبهته من ذلك الحر الشديد.
وأما بقية أعضاء بدنه فيصبر على الحرارة التي تصيبها كيديه وقدميه ونحو ذلك، فهذا دليل على أنه يجوز أن يصلي ولو مع شدة الحر.
لكن الأولى أن يقبل على صلاته إقبالاً كلياً، وأن يفعل فيها الأفعال التي إذا أتى بها عن رغبة وعن محبة وعن إقبال أثيب عليها.