على المصلين إذا قاموا إلى الصلاة أن يسووا صفوفهم، وعلى الأئمة أن ينظروا إليهم وأن يسووهم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قام في الصف ينظر ويلتفت عن يمينه ويساره فيأمرهم بقوله:(استووا) أي: سووا صفوفكم، ويأمرهم كما جاء في الحديث:(سووا صفوفكم فإن تسوية الصف من تمام الصلاة) ، وكذلك قوله:(لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم) ، وكان تارة يتكلم معهم بحيث يقول: تقدم يا فلان، تأخر يا فلان، حتى يستووا، فكان يسويهم كأنما يسوي بهم القداح التي هي ريش السهام.
وكذلك كان خلفاؤه رضي الله عنهم، فكان عمر رضي الله عنه قد وكل رجلاً بالصفوف إذا أقيمت الصلاة، فيمشي بينهم فيقدم هذا ويؤخر هذا بالدرة التي هي عصا عمر، فكلما رأى رجلاً متأخراً أمره أن يتقدم، وإذا رأى رجلاً متقدماً دفعه حتى يقوم في الصف، فلا يُكبر عمر حتى يقول له: قد استووا يا أمير المؤمنين! فعند ذلك يكبر، وكل ذلك حرص منهم على تمام الصلاة، فإن تسوية الصف من تمام الصلاة.
فالصلاة التي فيها شيء من الانحراف والاختلاف تكون ناقصة غير تامة، وروى في حديث:(إن الله لا ينظر إلى الصف الأعوج) يعني: الذي فيه انحراف، فهذا بالنسبة إلى التسوية التي هي المحاذاة.