إذا عرفتها ولم تجد صاحبها، وأنت قد قمت بهذا التعريف قياماً كاملاً، فلك أن تستنفقها أي: تدخلها في مالك، وذهب بعضهم إلى أنها تدخل في ملكه، وتصير له، وورد في بعض الروايات:(فإن جاء صاحبها وإلا فهو مال الله يؤتيه من يشاء) ، وفي بعض الروايات:(فإن علمت وإلا فهي لك) ، ومعناه: أنها أصبحت مملوكة لك، حيث إنك الذي وجدتها، وحيث إنك الذي ناديت عليها، وصبرت على النداء لها، فأنت أحق أن تملكها وتدخل في ملكك.
ولكن لا تدخلها في مالك ألا بعد أن تعرف أوصافها، وقيمتها إذا كانت متقومة، فإذا كانت لها قيمةٌ كالمتاع، كأن تكون قدراً أو ثوباً أو كيساً أو علبةً أو ما أشبه ذلك مما له قيمة؛ فقدر قيمتها عند تمام الحول، واستنفقها وأدخلها في مالك، واكتب أوصافها في ذمتك، فربما يأتيك صاحبها في السنة الثالثة، أو في السنة الخامسة، أو بعد عشر سنين؛ لأنك لا تزال تنشدها، ولا تزال تخبر عنها في المجتمعات، وتقول: إني وجدت من الذهب كذا وكذا، أو وجدت من الفضة كذا، أو جدت كذا من الأواني أو الأمتعة أو الأطعمة أو الفواكه أو ما أشبه ذلك.
وإذا كانت مما لا يبقى سنةً فتباع، فلو وجدت مثلاً علبةً طعام لا يمكن بقاؤها، أو وجدت قطعة لحمٍ، فإنها لا تبقى في العادة، أو وجدت خضرة أو فواكه أو ما أشبه ذلك مما يفسد إذا بقي مدة، أو يحتاج إلى تجميد أو نحوه بأجرة، فهذا لا يبقى، بل تقومه في حينه وتقدر قيمته، ثم تستنفقه أو تبيعه أو تحفظ قيمته، وتعرفه حتى تتم المدة.