والذكر هو التسبيح والتكبير والتحميد ثلاثاً وثلاثين كما في هذا الحديث الذي رواه سمي مولى أبي بكر، وهو من علماء التابعين، وهو عتيق لـ أبي بكر بن عبد الرحمن بن حارث بن هشام وأبو بكر هو أحد فقهاء المدينة السبعة، وقد أعتق سمياً هذا، فتعلم سمي العلم وحفظ الحديث، وروى هذا الحديث عن أبي صالح السمان.
وأبو صالح هو تلميذ أبي هريرة، رواه عن أبي هريرة، وذكر سمي أنه حدث به بعض أهله، وأنهم قالوا له: إنك وهمت إنما هو: (تكبرون ثلاثاً وثلاثين، وتحمدون ثلاثاً وثلاثين، وتسبحون ثلاثاً وثلاثين) ، وهذا هو مراد أبي صالح، فهو يقول:(تكبرون وتحمدون وتسبحون ثلاثاً ثلاثين) ، أي: يكرر كل واحدة ثلاثاً وثلاثين؛ ولأجل ذلك ورد في حديث آخر أنه عليه الصلاة والسلام قال:(ويقول تمام المائة: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير) ، فدل على أنه يقول: سبحان الله والحمد الله والله أكبر، ثم يكررها حتى يبلغ ثلاثاً وثلاثين، فتكون تسعاً وتسعين، فالتسبيحات ثلاث وثلاثون، والتكبيرات ثلاث وثلاثون، والتحميدات ثلاث وثلاثون.
قال العلماء: هو مخيّر بين أن يقول: سبحان الله ويكررها حتى يكمل ثلاثاً وثلاثين، ثم يسرد التكبير فيقول: الله أكبر، ويكررها حتى يكمل ثلاثاً وثلاثين، ثم يسرد الحمد فيقول: الحمد لله، ويكررها إلى أن يكمل ثلاثاً وثلاثين.
وإن شاء جمعها بقوله: سبحان الله والحمد لله والله أكبر هذه واحدة، ثم يكرر ذلك إلى أن يبلغ ثلاثاً وثلاثين فيكون الجميع تسعاً وتسعين، ثم يهلل تمام المائة.
ويجوز أن يقدم بعضها على بعض، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال:(ألا أخبركم بأفضل الكلام بعد القرآن وهن من القرآن، سبحان الله والحمد الله ولا إله إلا الله والله أكبر) ، وذكر أن هذه الأربع هي الباقيات الصالحات التي مدح الله أهلها، وكذلك بين أنه يجوز البداءة بأي واحدة منهن، قال (أربع بعد القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر) وعلى كل حال فهذا الذكر المشروع جعله النبي صلى الله عليه وسلم قائماً مقام الصدقات، ومقام إعتاق الرقاب ومقام النفقات في سبيل الله، ومقام الأعمال المالية التي تنفق في المشاريع الخيرية، فدل على ميزته وفضيلته وأنه يشرع للإنسان المحافظة عليه.