كثير من الناس من يجد اللقطة ولكن يخفيها، وتبقى عنده سنة ويأكلها، ثم بعد ذلك يندم ويسأل ويقول: إني وجدتها ولكني لم أعرفها، هل ينفع أن أعرفها بعد سنتين أو بعد ثلاث سنين؟ نقول: لا ينفع؛ وذلك لأن أصحابها غالباً قد يئسوا منها، فلا يهتمون بطلبها، ولا يسألون عنها، وقد اعتقدوا أنها اختلست منهم أو أخذت سرقة من مكانها، فأنت غررت بهم حيث أخفيتها هذه المدة.
فحينئذ نقول له: لا تملكها والحال هذه سواء كانت من بهيمة الأنعام، وجدتها في طريق أو متأخرة من دواب أو نحو ذلك؛ فأخفيتها وجعلتها مع غنمك، أو كانت نقوداً أخفيتها وجعلتها مع مالك، أو كانت متاعاً أخفيته ككيس وجدته أو علبةً أو كرتوناً أو نحو ذلك، أخفيته إلى أن مضى عليه مدة، وأيس منه أصحابه، ففي هذه الحال نرى أنه لا يملكها، ولكن يبيعها ويقدر ثمنها ثم يتصدق به إذا أيس من أصحابها، وتكون صدقةً مضمونة، بمعنى أنه لو جاء صاحبها بعد سنة أو سنين فيخبره ويقول: أنا وجدت هذا المال، ولكني أخطأت في إخفائه ولم أعرفه في حينه، وبعدما مضت المدة أو زادت تصدقت به، فالآن أنت بالخيار: إما أن يكون أجر الصدقة لك، وإما أن يكون الأجر لي، وأعطيك قيمتها، وإذا لم يفعل أو خاف فله أن يسلمها إلى من يتصدق بها مضمونةً، أو إلى بيت المال إذا كانت ذات قيمة.
وكذلك نقول: في بهيمة الأنعام التي يجدها كثير من الناس أو الأمتعة التي توجد على الطرق ساقطةً من أصحاب السيارات أو نحوهم، فمن يأخذها ويخفيها مدة، ثم بعد ذلك يندم، وكذلك في كل الأموال المجهولة، وكثير من الناس قد يكون عنده دين لإنسان أو أمانة لإنسان أو أجرة عمل أو نحو ذلك، وتبقى عنده مدةً، ويغيب عنه صاحبها ولا يجدها، أو يشتري من بقالة ثم يأتي بعد مدةً ويجد صاحب البقالة قد تغير أو قد نقل أو أن ذلك العامل تنتهي مدة إقامته ويرحل فلا يجده، فما تصنع بالمال الذي عندك؟ نقول: عليك أن تحرص على البحث عن أصحابه، فإن وجدتهم وإلا فتصدق به مضموناً أو أعطه من يتصدق به مضموناً.