يكثر السؤال في هذه الأزمنة عن فعل الأسباب التي تمنع الحمل، حيث إن كثيراً من المتزوجين وهم شباب يحاولون عدم الإنجاب، فيأتون بأسباب تمنع أن يولد لأحدهم، وفي زعمه أنه لا يريد الأولاد في ذلك السن المبكر، ويريد أن يبقى مع زوجته وحيداً حتى يتفرغ أو تتفرغ هي لتنشئة الأولاد، أو حتى يجمع مالاً، أو حتى تتفرغ أو تنهي مثلاً دراستها وعملها، أو ما أشبه ذلك، فيعملون حيلاً لمنع الإنجاب، فمنها: استعمال هذه الحبوب التي تمنع انعقاد الحمل، فتبتلع المرأة هذه الحبوب فتبقى عدة سنوات لا يحصل منها أولاد.
وقد ذكر الأطباء أن هذه الحبوب مضرة، ولا شك أن لها ضرراً على المرأة، على الرحم وعلى أثر العادة؛ لأنها تغير عادتها، فالعادة الشهرية التي هي الحيض المستمر أو المعتاد تتغير بهذه الحبوب، زيادة على أن احتباس هذا الدم يؤثر عليها مرضاً، وقد ذكر الأطباء أن المرأة لا تستعمل الحبوب إلا بعد أن تعرضه على طبيب مختص فيشير عليها، إما بأن تستعمل أو لا تستعمل، ومع ذلك فإنها منتشرة وفاشية كثيراً، وبيعها في الصيدليات قد يكون أكثر من بيع كثير من الحبوب التي تستعمل للصحة أو للعلاج.
فنقول: لا شك أن هذه مصيبة، كيف أنك تضيق بالأولاد، فالواجب أن ترضى بما قدر الله، وأن تفرح إذا رزقك الله ولداً، لا تضيق بالأولاد ذرعاً فإن الله تعالى هو الذي خلقهم، وهو الذي يتكفل برزقهم، يقول الله تعالى:{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ مِنْ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ}[الأنعام:١٥١]{وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ}[الإسراء:٣١] ، فهو الذي يتكفل برزقهم، وكم رأينا وكم رأيتم من إنسان كان فقيراً لما كان وحده، ولما تزوج ورزق أولاداً وسع الله عليه، ورزق بسبب أولاده، ولما انفصل عنه أولاده وبقي وحده عاد إلى فقره وحاجته، فوجود الأولاد سبب للرزق، فلا يضيق أحدنا بكثرة الأولاد مهما كثروا، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر بتزوج الودود الولود في قوله:(تزوجوا الودود الولود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة) ، فهو يحب أن تكثر أمته، وأن يكثر أولادهم الذين هم على سنته، متبعون لشريعته؛ حتى يباهي بهم الأمم، وإن كان الله تعالى قد قدر من سيخلقه، وعلم عدد الخلق الذين قدر وجودهم، ولكنه جعل لذلك أسباباً وجودية أو أسباباً سلبية.
فننصح هؤلاء الذين لا يريدون الإنجاب، ويملون وجود الأولاد، حتى ولو كانوا في شبابهم، حتى ولو كثر الأولاد لديهم، فلا يضيقون بذلك، فإن رزقهم على الله تعالى، كما في قوله تعالى:{وَكَأَيِّن مِنْ دَابَّةٍ لا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ}[العنكبوت:٦٠] .