للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[شرح حديث: (كان رسول الله يصلي العشاء بغلس)]

الحديث الثاني يتعلق بصلاة الفجر، وهو أنه صلى الله عليه وسلم كان يبكر لصلاة الفجر، بحيث إنه يشهد الصلاة معه نساء متلفعات بمرطهن، وينصرفن ما يعرفهن أحد من الغلس، والغلس: الظلمة، أي: اختلاط الظلمة بضياء ذلك الوقت الذي هو غلس، أي: بقية ظلمة، فهؤلاء نساء يحضرن إلى المسجد، ويصلين في طرف المسجد وهن متلففات.

والمروط: جمع مرط، والمرط: الكساء والرداء التي ترتديه المرأة، وتغطي به جسدها كله، ولا يعرفها أحد حتى من تصلي إلى جنبها، يعني: تصلي اثنتان بعضهما إلى جنب بعض ولا تعرف إحداهما الأخرى؛ وذلك من الظلمة، لا يعرفها أحد لا رجل ولا امرأة وذلك لوجود الظلمة.

وفي هذا الحديث دليل على جواز صلاة النساء في المسجد مع الجماعة، بشرط أن يكن متلففات ومستترات ومحتشمات لا يرى من أبدانهن شيء، ودليل على أن نساء الصحابة كن على غاية من الاحتشام، فكانت المرأة إذا خرجت في الظلمة أو في الليل خرجت في غاية من التحفظ، وكذلك في سائر الأوقات، لا يرى بدنها ولا يرى شيء من جسمها، بل تلتف بالمرط أو بالرداء أو بالكساء أو بالعباءة أو نحو ذلك من الأكسية التي تستر جميع بدنها، فلا يرى منها يد ولا قدم ولا وجه ولا رأس ولا غير ذلك؛ لأجل الاحتشام والحياء والتستر من الرجال الأجانب.

وفيه دليل على التبكير لصلاة الفجر وهو الشاهد من الحديث، بحيث إنها أخبرت بأنه لا يعرفهن أحد من شدة الغلس، يعني: من شدة الظلمة التي هي بقية الليل، والتبكير لصلاة الفجر والتغليس بها هو الأفضل.