الجملة الثالثة: قوله صلى الله عليه وسلم: (لا يبع بعضكم على بيع بعض) .
صورة ذلك: إذا كنت تبيع سلعاً وجارك يبيع مثلها، ورأيت إنساناً عند جارك قد اشترى ثوباً -مثلاً- بعشرة، وما بقي إلا أن يدفع الثمن، فأشرت إليه أن يأتي إليك، وقلت له: ائتني؛ فأنا أبيعك بأرخص، أنت اشتريت الثوب بعشرة وأنا أعطيك مثله بثمانية، فتُعتبر في هذه الصورة بعت على بيع أخيك.
أو مثلاً: رأيت إنساناً قد اشترى ثوباً بعشرة، وما بقي إلا أن يبيعه صاحب الثوب ويسلم له الثوب، فقلت لصاحب الثوب: لا تبعه؛ أنا أعطيك فيه اثني عشر، وقصدك بذلك أن تفسخ هذا البيع، وأن تفسده.
والعلة في ذلك: أنه سبب للبغضاء والحقد بين المسلمين، فجارك هذا سيحقد عليك، ويقول: كلما بعت سلعة أفسد علي بيعتي، ودعا الزبائن وأخذهم علي، وباع لهم، وقد تكون سلعة أقل قيمة من سلعتي، فعند ذلك تحصل العداوة، وتحصل البغضاء بين المسلمين.
ولا شك أن ذلك مما ينهى عنه؛ لما يسببه من العداوة، والمطلوب بين المسلمين التآخي والتحاب، وأن يبتعدوا عن كل خصلة تسبب العداوة والمقاطعة.
فإذا رآك أخوك تفسد عليه بيعه، أو تفسد عليه شراءه، حقد، وحنق عليك، وأبغضك، وأخذ كل منكما يسب الآخر، هذا هو سبب النهي عن كونك تبيع على بيعه أو تشتري على شرائه.