على الإنسان أن يهتم بما عنده من الحقوق فيكتبه، ففي هذا الحديث يقول صلى الله عليه وسلم:(ما حق امرئ مسلم له شيء يريد أن يوصي فيه يبيت ليلتين إلا ووصيته مكتوبة عنده) ، والشيء الذي حث على كتابته مثل الأمانات والديون والأوقاف وكذلك وصيته ووصايا أبويه إذا كانت على يديه، فيكتب ما يخرجه من ماله، ويكتب مصارفه الذي يصرف فيها، ويكتب الناظر عليه والوكيل، ويكتب الديون التي في ذمته، والديون التي له مثلاً، ويكتب الحقوق والأمانات التي عنده، ويكتب الأشياء التي قد يجهلها غيره وهو يعلمها من الأملاك أو نحو ذلك، حتى لو فجأة الموت لم يكن مفرطاً، بل وجد ما عنده مكملاً، أما لو فرط ومات فجأةً بقيت ذمته مشغولة، وبقيت حقوق الناس وأماناتهم عنده وديونهم في ذمته؛ لأن الورثة قد لا يعلمون شيئاً عن ذلك، فيقتسمون ما خلف من الأموال، وقد يكون بعضها أو أكثرها لغيره، فيأكلون ما لا يستحقون، وسبب ذلك تفريطه هو حيث لم يثبت ما عنده من الأمور.
فلأجل ذلك يقول ابن عمر:(ما أتت عليّ ليلة منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ووصيتي عندي) ، وبعضهم يجعلها تحت رأسه، كلما تجدد له شيء زاد فيها وغير ونقص وأضاف، حتى إذا مات يكون قد أكملها، وقد روي في الآثار عن بعض السلف أنهم كانوا يكتبون في مقدمة وصيتهم: هذا ما أوصيت به، وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن عيسى عبد الله ورسوله، وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وأن الجنة حق، وأن النار حق، وأن الساعة آتية لا ريب فيها، وأن الله يبعث من في القبور، فهذه وصية بمعنى الشهادة.
وكذلك يوصي أهله فيقول: أوصيكم بما أوصى به إبراهيم بنيه ويعقوب قال الله تعالى: {أَمْ كُنتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ}[البقرة:١٣٣] وقال تعالى: {إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ}[البقرة:١٣١-١٣٢] ، ووصاهم بقوله:{يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ}[البقرة:١٣٢] ، وويوصيهم بتقوى الله، فإنها وصية الله للأولين والآخرين كما قال الله تعالى:{وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ}[النساء:١٣١] ، ويوصيهم بالوالدين مثلاً لقوله تعالى:{وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ}[العنكبوت:٨] .