[حكم المني وصفة إزالته من الثوب وغيره، ومقدار الماء الرافع للجنابة]
قال المؤلف: [عن عائشة رضي الله عنها قالت: (كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه) ، وفي لفظ لـ مسلم:(لقد كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فركاً، فيصلي فيه) .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إذا جلس بين شعبها الأربع، ثم جهدها، فقد وجب الغسل) ، وفي لفظ لـ مسلم:(وإن لم ينزل) .
وعن أبي جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهما:(أنه كان هو وأبوه عند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وعنده قوم فسألوه عن الغسل فقال: يكفيك صاع، فقال رجل: ما يكفيني، فقال جابر: كان يكفي من هو أوفى منك شعراً وخير منك -يريد النبي صلى الله عليه وسلم- ثم أمنا في ثوب) ، وفي لفظ:(كان صلى الله عليه وسلم يفرغ الماء على رأسه ثلاثاً) .
قال رضي الله عنه: الرجل الذي قال: ما يكفيني هو الحسن بن محمد بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأبوه محمد بن الحنفية] .
الحديث الأول: يتعلق بالمني وحكمه.
قول عائشة:(كنت أغسل الجنابة من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيخرج إلى الصلاة وإن بقع الماء في ثوبه) ، تريد أثر المني، أي: ما يخرج عند الجماع من المني فيصيب البدن ويصيب الثوب، وقد استدل بالغسل من يقول: إن المني نجس، وهذا قول جماعة من الفقهاء، وعللوا بأنه خارج من أحد السبيلين، وبأنه قد يخالط البول والبول نجس، وبأنه مستقذر عادة فلا بد أن يكون نجساً، واستدلوا بهذه الأحاديث التي فيها أن عائشة كانت تغسله، والغسل لا يكون إلا لنجاسة تقع على الثوب.
ولكن وردت روايات كثيرة في صحيح مسلم وفي غيره تدل على عدم غسله والاقتصار على فركه، فقد ثبت أنها قالت:(كنت أفرك المني من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، وفي بعض الروايات:(لقد كنت أحته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم) والحت والحك والفرك لا يزيل أثره كلياً.