للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أدلة المواريث من القرآن الكريم]

لقد أنزل الله تعالى خمس آيات في المواريث.

الآية الأولى مجملة: وهي قول الله تعالى: {لِلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالأَقْرَبُونَ مِمَّا قَلَّ مِنْهُ أَوْ كَثُرَ نَصِيباً مَفْرُوضاً} [النساء:٧] .

فهذه الآية أجمل الله فيها نصيب الرجال والنساء، إلا أنه عرف أن للرجل نصيباً من مورثه وللمرأة نصيباً.

حتى جاءت الآية الثانية التي بيّن الله فيها ميراث الأولاد ذكوراً وإناثاً، وبيّن فيها ميراث كل من الأبوين، على التفصيل، وذلك في قوله تعالى: {يُوصِيكُمْ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ} [النساء:١١] يعني: الذكور والإناث، {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء:١١] .

فهذه الآية ذكر الله فيها أن الميت إذا مات وله أولاد قسم ماله بين أولاده، للذكر سهمان وللأنثى سهم، فإذا لم يكن له إلا بنات، فإنهن لا يزدن على الثلثين ولو كن عشراً فيشتركن في الثلثين، أما إذا كانت واحدة فإنها تستقل بالنصف فتأخذ النصف وحدها.

كذلك ذكر ميراث الأم والأب، فإذا كان للميت أولاد فإن لكل من الأبوين السدس، والبقية للأولاد يقسم بينهم: {لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١١] .

وإذا كان هناك أبوان فقط وليس للميت ولد، فإن المال يقسم بين الأبوين، الأب له الثلثان والأم لها الثلث، أما إذا وجد للميت إخوة حجبوا الأم ومنعوها من الثلث وأنزلوها إلى السدس، هذه قسمة أنصباء الأبوين وأنصباء الأولاد.

أما الآية الثالثة فبين الله فيها أنصباء الزوجين والإخوة من الأم، وهي قوله تعالى: {وَلَكُمْ نِصْفُ مَا تَرَكَ أَزْوَاجُكُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُمْ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ} [النساء:١٢] ثم قال: {وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ} [النساء:١٢] في هذا ذكر نصيب أحد الزوجين من الآخر، فبيّن الله أنه إذا كان له أولاد ذكور أو إناث؛ واحد أو عدد؛ أن زوجته لا تأخذ إلا الثمن، فإذا لم يكن له أولاد ولا أولاد ابن فإنها تأخذ الربع.

أما الزوج فيأخذ النصف إذا لم يكن للزوجة أولاد ولا أولاد ابن، فإذا كان لها ولد أو ولد ابن فإنه لا يأخذ إلا الربع.

ثم بيّن الله في نفس الآية ميراث الإخوة من الأم في قوله: {وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً} [النساء:١٢] أي: ليس له أولاد ولا والدان: {وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ} [النساء:١٢] يعني: أولاد أم، {فَلِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ} [النساء:١٢] ، أي: للأخ أو الأخت من الأم السدس، {فَإِنْ كَانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ فَهُمْ شُرَكَاءُ فِي الثُّلُثِ} [النساء:١٢] أي: الإخوة من الأم لا يزيدون عن الثلث ولو كثر عددهم، فهذه الآية ذكر الله فيها ميراث الزوجين وميراث الإخوة من الأم.

أما الآية الرابعة في آخر سورة النساء وهي قوله تعالى: {إِنْ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ} [النساء:١٧٦] إلى قوله: {فَإِنْ كَانَتَا اثْنَتَيْنِ فَلَهُمَا الثُّلُثَانِ} [النساء:١٧٦] ثم قال: {وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالاً وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ} [النساء:١٧٦] ، وفي نفس الآية ذكر ميراث الأخ بقوله: {وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} [النساء:١٧٦] .

فبيّن ميراث الأخوات، فإذا كانت واحدة أخذت النصف، أو اثنتين فلهما الثلثان، والجماعة ذكوراً وإناثاً يقتسمون المال كما يقتسمه الأولاد للذكر مثل حظ الأنثيين، والأخ الواحد يرث مال أخته كله إذا كان وحده، وكذلك إذا كانوا جماعةً، هذه الآية ذكر الله فيها ميراث الإخوة الأشقاء والإخوة من الأب.