للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[حقوق الزوج على زوجته المشروطة وغير المشروطة]

أما شروط الزوج فإذا كانت موافقة للشرع فإن لها أن تقوم بها، فإذا شرط عليها أن تخدمه وتقوم بخدمته في البيت فإن هذا معتاد، وقد ذكر كثير من العلماء أن خدمة البيت لا تلزمها، حتى إصلاح الطعام ونحوه، لكن الصحيح أنه يلزمها أن تخدم زوجها وتقوم بشئونه، وهذا هو المعتاد والمعروف عن الصحابة وعن نساء الصحابة، فقد ثبت في الصحيح: (أن فاطمة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشتكي المئونة والخدمة، وتذكر أنها طحنت على الرحا حتى مجلت يداها وأنها تعبت) ، ولكن مع ذلك لم يعطها النبي صلى الله عليه وسلم خدماً، بل تركها لتخدم زوجها، وكذلك أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة وهي زوجة الزبير كانت تخدم الزبير حتى إنها كانت تدق النوى نوى التمر ثم تحمله على رأسها إلى أن تأتي به فرس الزبير في طرف الحرة مسيرة نصف ساعة لتعلف ذلك الفرس، زيادة على خدمتها لأولاده وقيامها بشئونه، لا شك أن هذا أيضاً من خدمة المرأة لزوجها، فإذا شرط أنها تخدمه فإن ذلك من حقه عليها، بل ورد أنها تطيعه في كل شيء لا يخالف الشرع، قال النبي صلى الله عليه وسلم: (لو كنت آمراً أحداً أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها) ، وفي بعض الروايات: (لو أمرها أن تنقل جبلاً من موضعه وهي تقدر لكان عليها ذلك) .

وأخبر صلى الله عليه وسلم بعظم حق زوجها عليها وطاعتها، وأن عليها أن لا تعصيه.

ومعلوم أن الزوج إنما تزوج امرأته لأجل منفعة الاستمتاع وما يتبعها، فلأجل ذلك عليها أن تطيعه إذا دعاها إلى حاجته، حتى قال النبي عليه الصلاة والسلام في بعض الأحاديث: (إذا دعا الرجل امرأته لحاجته فلتأته ولو كانت على التنور) ، والتنور: هو الذي يخبز فيه.

يعني: ولو خشيت أن يفسد ذلك الخبز ويحترق فإن عليها أن تأتي إليه، وهذا مبالغة في الإسراع وعدم التأني، وقال عليه الصلاة والسلام: (إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح) ، وذلك دليل على عظم حقه عليها، فهذه حقوق الزوج على زوجته ولو لم تشترط هذه الحقوق، وذلك لأنها شروط شرعية داخلة في العشرة التي قال الله فيها: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [النساء:١٩] ، وداخلة في حق المرأة على زوجها وحق الزوج على امرأته، قال تعالى: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَالصَّالِحَاتُ قَانِتَاتٌ حَافِظَاتٌ لِلْغَيْبِ} [النساء:٣٤] مدحهن بهذا المدح (صالحات قانتات حافظات للغيب) .