قال المصنف رحمه الله: [عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من اقتنى كلباً إلا كلب صيد أو ماشية فإنه ينقص من أجره كل يوم قيراطان) ، قال سالم: وكان أبو هريرة يقول: أو كلب حرث، وكان صاحب حرث.
وعن رافع بن خديج رضي الله عنه قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذي الحليفة من تهامة، فأصاب الناس جوع، فأصابوا إبلاً وغنماً وكان النبي صلى الله عليه وسلم في أخريات القوم، فعجلوا وذبحوا، ونصبوا القدور، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت، ثم قسم فعدل عشرة من الغنم ببعير، فند منها بعير، فطلبوه فأعياهم، وكان في القوم خيل يسيرة، فأهوى رجل منهم بسهم فحبسه الله، فقال:(إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش، فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا، قال: قلت: يا رسول الله! إنا لاقوا العدو غداً، وليست معنا مدىً أفنذبح بالقصب؟ قال: ما أنهر الدم، وذكر اسم الله عليه، فكلوه ليس السن والظفر، وسأحدثكم عن ذلك، أما السن فعظم، وأما الظفر فمدى الحبشة) ] .
أورد المؤلف الحديث الأول للدلالة على جواز اقتناء كلب الصيد الذي يقتنص به، وقد دل عليه أيضاً القرآن في قول الله تعالى:{وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنْ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ}[المائدة:٤] مكلبين، يعني: متخذي كلاب صيد تعلمونهن مما علمكم الله، فالكلب معروف بشدة السعي، وبشدة العدو، ومن آثار اشتداده في السير وفي العدو يدرك ما يدركه من الصيد، فقد يدرك بعض الظباء، وقد يدرك الأرنب ونحوه؛ فلأجل ذلك فإن كلاب الصيد مما يجوز اقتناؤه للصيد، وهذا هو وجه الاستشهاد بهذا الحديث.