[شرح حديث:(صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب)]
قال المصنف رحمه الله تعالى: [وعن مطرف بن عبد الله قال: (صليت أنا وعمران بن حصين خلف علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فكان إذا سجد كبر، وإذا رفع رأسه كبر، وإذا نهض من الركعتين كبر، فلما قضى الصلاة أخذ بيدي عمران بن حصين فقال: قد ذكرني هذا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم، أو قال: صلى بنا صلاة محمد صلى الله عليه وسلم) .
وعن البراء بن عازب رضي الله عنهما قال:(رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته، فاعتداله بعد ركوعه، فسجدته، فجلسته بين السجدتين، فسجدته، فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء) ، وفي رواية البخاري:(ما خلا القيام والقعود: قريباً من السواء) .
وعن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال:(إني لا آل أن أصلي بكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا، قال ثابت: فكان أنس يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً، حتى يقول القائل: قد نسي، وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل: قد نسي) ] .
هذه أحاديث في صفة الصلاة، الحديث الأول في تكبيرات الانتقال، تكبير النقل هو أن يكبر عندما ينتقل، وقد تقدمت أحاديث في ذلك.
وذكرنا أن في كل ركعة أربع تكبيرات، وأن للرباعية ثنتين وعشرين تكبيرة، وفي الثلاثية سبع عشرة تكبيرة، وفي صلاة الفجر إحدى عشرة تكبيرة، وذلك لكونها تزيد بتكبيرة الرفع التي للجلوس.
وهذه التكبيرات قد خفيت على بعض المتقدمين، وذلك أن بعض الأئمة كانوا يصلون وهم كبار السن فيصعب عليهم رفع الصوت بالتكبير، ويصير انتقال المأمومين بسماع الحركة، ولكن تحققوا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر عندما ينتقل، إلا إذا رفع من الركوع فإنه يقول: سمع الله لمن حمده، وإذا انصرف التفت للخروج من الصلاة فإنه يقول: السلام عليكم ورحمة الله.
أما بقية انتقالاته فإنه يستعمل التكبير، والحكمة في ذلك والله أعلم: تذكير المأمومين الذين يسمعون، وتذكير المنفرد نفسه، وتذكير الإمام نفسه بهذا الوصف لله تعالى وهو كونه أكبر، فإنك كلما كررت أو كلما سمعت: الله أكبر، كان ذلك مذكراً لك بكبرياء الله، ومن عظّم الله وكبّره واعتقد أنه أكبر من المخلوقات كلها، عظُم قدر ربه في قلبه، وصغرت المخلوقات عنده واستحقرت مهما كان مقدارها، سواء كانت موجودة على قيد الحياة أو فانية فكلها تصير حقيرة ولا يبقى في قلبه لها قدر، وإنما القدر العظيم لله تعالى الذي هو أكبر من كل شيء، وكل شيء فهو حقير فقير ناقص أمامه، فهذا هو السبب في تكرار التكبير.