للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[كيفية صلاة راكب القطار والسفينة والطائرة]

إذا كان راكباً في قطار، فالقطار قد يكون أمره أسهل، وكذا إذا كان راكباً في باخرةٍ أو في سفينةٍ، فإن فيها شيئاً من التوسعة؛ وذلك لأنه يتمكن غالباً من الوقوف، فقد يتمكن من استقبال القبلة راكب الباخرة ونحوها، ويتمكن من الاستدارة نحو القبلة إن استدارت الباخرة أو انحرفت يميناً أو يساراً، فنقول: متى قدرت على استقبال القبلة فلتأت منه ما تستطيع، وإذا شق ذلك عليك وخشيت من القيام دوراناً أو سقوطاً إذا جاءت للسفينة أمواج أو مر القطار في انحرافات أو نحو ذلك مما يكون فيه شيء من الحركة؛ فلك أن تصلي جالساً ولو لغير القبلة، وإن استطعت استقبال القبلة فاستقبلها مهما تستطيع.

أما راكب الطائرة ونحوها من المراكب الجوية فمعلوم أنه قد يحتاج إلى أن يتنفل، فقد تطول المدة في بعض الأحيان، وفي داخل المملكة قد لا تطول أكثر من ساعة ونصف أو نحوها، ولكن إلى خارج المملكة قد يتمادى بهم السير سبع ساعات أو عشر ساعات متواصلة كما في بعض الرحلات الطويلة، ففي هذه الحال قد يحتاج إلى التنفل، فيتنفل وهو على كرسيه ولو لغير القبلة.

أما الفرائض فقد سمعنا أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يصليها إلا على الأرض، ولا يصليها على الراحلة، وذلك لأهميتها؛ ولأنه لابد من استقبال القبلة فيها، فينزل ويصليها بأصحابه جماعة ويصفهم خلفه صفوفاً.

ويشتكي كثير من الذين يرحلون في الطائرة، ويستمر سيرهم ساعات، أنه قد يدخل عليهم الوقت ويخرج وهم في رحلة واحدة، فيفتيهم المشايخ ويقولون: إذا كان الوقت متسعاً فأخر الأولى إلى أن تنزل، كما لو كانت رحلة في الضحى ودخل عليك وقت الظهر ولم تستطع أن تصلي، وخشيت أن يفوت فأخره إلى العصر، فإذا نزلت في آخر النهار، وما بقي إلى الليل إلا ساعة أو نصف ساعة أمكنك أن تصلي قبل الغروب، فتجمع الفرضين في وقت واحد.

فإذا كنت تعرف أنك تنزل قبل غروب الشمس فأخر الظهر وصلها مع العصر قبل أن تغرب الشمس، وإذا دخل عليك وقت الظهر قبل الانطلاق، وأنت تعرف أنك ستستمر خمس ساعات أو نحوها، جاز لك أن تصلي الظهر وتقدم معه العصر قبل الرحلة، ثم بعد ذلك تواصل السير.

وإذا دخل عليك وقت المغرب وأنت سائر فلك أن تؤخره وتجعله مع العشاء ولو لم تنزل إلا قُبيل الفجر، فإن وقت المغرب والعشاء لا يخرج ولا ينتهي إلا بطلوع الفجر الثاني، أي: بطلوع ضياء الصبح، فإذا وصلت وما بقي على الفجر إلا ساعة أو نصف ساعة نزلت وصليت العشاء، وأجزأك ذلك إن شاء الله؛ وذلك لأنك أدركت آخر الوقت فهو أولى من أن تصلي على السرير.

أما إذا خشيت خروج الوقت في الصبح، لأن وقتها ضيق -من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس- ففي هذه الحال لك أن تصليها إن وجدت متسعاً في الطائرة، فتصل وأنت على تؤدة تقوم وتركع وتسجد، وإن لم تجد فصلي وإن كنت على كرسيك جالساً، وأومئ واستقبل ما أنت مستقبل له؛ وذلك اغتناماً للوقت حتى لا يخرج وأنت لم تصل؛ لأن الوقت شرط والشرط مقدم على الأركان التي منها الركوع والسجود وما أشبه ذلك، وكل ذلك حرصاً على إيقاع الصلاة في وقتها، والإتيان بها على هيئتها دون أن يختل شيء منها؛ وذلك لعظم شأن هذه الصلاة، وأهمية المحافظة عليها.