[الحكمة من تحريم الجمع بين الأختين والمرأة وعمتها وخالتها]
الحكمة في ذلك ما ورد في بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(إنكم إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم) ، وسبب ذلك معلوم أن الضرتين يصير بينهما منافسة، إذا كان للرجل زوجتان فالغالب أنه يقع بينهما منافسة، كل واحدة قد تحسد الثانية، وقد تضارها، وقد تفتخر عليها ونحو ذلك حتى تسوءها، وذلك لأنها شريكتها في هذا الرجل، فلأجل ذلك سميتا ضرتين.
فإذا كانت الأختان تحت رجل واحد فلابد أن يقع بينهما شيء من هذه المنافسة وشيء من هذا الحسد، فتحصل بذلك قطيعة الرحم، والله تعالى قد رتب على قطيعة الرحم وعيداً شديداً حيث قال:{فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُوْلَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ}[محمد:٢٢-٢٣] .
فلأجل ذلك نقول: إن الحكمة في النهي عن الجمع بين هذه المحارم كونه سبباً لقطيعة الرحم، فالأم والبنت تحريمهما مؤبد، ومعلوم أنه لا يتصور الجمع بين المرأة وأمها أو بنتها، والأخت تحريمها مؤقت منصوص عليه في القرآن، ومعلوم أيضاً أنه سبب للتقاطع بين الأختين، وكذلك إذا تزوج امرأة وعمتها فإنه سيحصل بينها وبين عمتها منافسة، كذلك إذا تزوج امرأة ثم تزوج عليها بنت أخيها، حصل أيضاً بينهما منافسة؛ لأن هذه تقول: هذه بنت أخي، وهذه تقول: هذه عمتي.
فكيف يحصل الوئام والوداد وهما ضرتان تحت رجل واحد؟ لاشك أن هذا سبب للمنافسة وسبب لقطيعة الرحم.
وكذلك إذا تزوج عليها خالتها أو بنت أختها فإنه سيحصل بينهما أيضاً هذه الإثم الذي هو التقاطع، والإسلام جاء بالمودة، وجاء بالمحبة، وجاء بالصلة، ونهى عن كل شيء فيه تقاطع، فهذا هو السبب، فهذا الحكم يختص بالمحارم.