قد يقال: إن الختان شرعي فكيف يكون فطرياً، مع أن هناك دولاً لا يختتنون، وهم أمم وخلق كثير لا يعرفون الاختتان، فيقال: هؤلاء ممن بقوا على سذاجة وعلى بعد عن الخير وبعد عن استحسان الحسن، فلو فكروا لرأوا أن الختان من محاسن الدين وأن الله ما شرعه إلا لما فيه من المصلحة.
والختان معروف، وشرع لأجل الطهارة، فإن من لم يختتن لا يأمن التنجس، فإن هذه القلفة التي في رأس ذكر الرجل إنما أمر بإزالتها حتى تكمل الطهارة بغسل آثار البول، فلو بقيت لكانت حاملة للنجاسة ولشق تطهير داخلها وتنظيفه.
فالحكمة من الأمر بإزالتها، حتى تبرز الكمرة، وحتى يمكن تطهير النجاسة الموجودة في تلك الغلفة، وحتى لا تنتشر النجاسة.
ولا شك أن الختان مشروع، وقد ثبت أن أول من اختتن إبراهيم، أو أنه اختتن بعد أن كان أهل زمانه لا يختتنون، فاختتن بالقدوم وهو ابن ثمانين سنة، ثم شرع الاختتان في ذريته، حتى غير المسلمين منهم من يختتن، وأما من غير ذريته من سائر الأمم والدول فإنهم بقوا على سذاجة وعلى بعد عن الاستحسان، ولم يكونوا يختتنون.
ومشروعيته تعد من محاسن الإسلام، ويشرع الختان في حال الصغر حتى لا يتأثر به حال الكبر، وحتى لا تكون فيه خطورة، فإنه إذا ختن وهو طفل رضيع كان ذلك أسهل له وآمن؛ لئلا يتسمم.
ويجب الختان عند البلوغ، وقبل البلوغ يعتبر سنة أي: يعتبر جائزاً غير واجب، لأن البلوغ هو وقت التكليف، ولأنه لم يكن ملزماً بالطهارة قبل البلوغ وهذا هو الصحيح.