نقتصر هنا على ذكر المواقيت الذي ذكرت في الحديث؛ لأن الكلام على الحج وعلى أحكامه ليس هذا محله، فنقول: هذا الباب في باب المواقيت.
وقد ذكر العلماء أن للحج مواقيت زمانية ومواقيت مكانية.
فالمواقيت الزمانية هي أشهر الحج، قال الله تعالى:{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ}[البقرة:١٩٧] ، وذكر في الأحاديث أن هذه الأشهر شهر شوال -وهو الشهر العاشر- وشهر ذي القعدة وعشر من ذي الحجة التي هي العشر الأول، أي: شهران وبعض شهر، أطلق الله عليها أنها أشهر تغليباً، وهذه الأشهر هي التي يصح الإحرام بالحج فيها، أما ما قبلها فلا يحرم بالحج فيها.
وقد اختلف فيمن أحرم بالحج في آخر رمضان وأراد أن يبقى على إحرامه إلى يوم عرفه، فأكثرهم على أنه لا يصح إحرامه؛ لأنه أحرم قبل الوقت، فهو كمن كبر لصلاة الظهر قبل الزوال، أو كبر تحريمة الفجر قبل طلوع الفجر، أو كبر لصلاة المغرب قبل غروب الشمس، فلا تنعقد صلاته، فيقولون: كذلك من أحرم بالحج قبل أن تدخل أشهر الحج -أي: في آخر يوم من رمضان- فلا يصح.
أما أشهر الحج فإذا أحرم فيها بالحج فإنه ينعقد حجه، فلو أحرم يوم عيد الفطر وبقي على إحرامه بالحج إلى يوم عرفة ثم تحلل يوم العيد صح حجه، وإن كان الأفضل له -كما سيأتي- أن يتحلل بعمرة.
وعلى كل حال فهذا معنى كونها مواقيت للحج، أي: يصح الإحرام بالحج فيها لا فيما قبلها ولا فيما بعدها؛ لأنه لو أحرم بالحج في اليوم الحادي عشر من ذي الحجة يقال: فات محله وانتهت أيام الحج.
فهذه مواقيته الزمانية.
أما المواقيت المكانية فهي مواقيت الإحرام المعروفة، وواحدها ميقات.