للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأسلافنا مثلًا فهموا الربا الفهم الصحيح فاجتبنوه وسجلوا ذلك الفهم ليقرأ على مدى الأجيال، ومارسوا المعاملات بشتى صورها ودونت تفصيلًا، بل ووضعت الافتراضات والاحتمالات لما قد يقع، ودونت حلولها، فأي رأي يضفي على تعاليم الإسلام الإبهام مرفوض وأي ادعاء بالقصور في التطبيق أو عدم الوضوح فيه مردود عليه من واقع التطبيق، ومثبتات التاريخ.

ومن يقرأ التاريخ يجد أن حضارة العرب (حملة رسالة الإسلام) لم تكن شيئًا مذكورًا قبل نزول هذا الدين مقارنة بحضارات الأمم المجاورة كالفرس والروم ولكن تلك الحضارة العربية البدائية تمكنت من أن تستوعب الحضارات العظيمة القائمة آنذاك وتتفاعل معها تفاعلًا إيجابيًّا فأفادت واستفادت، بل وطورت، منطلقة إلى حضارة أكثر اتساعًا، وأبعد عمقًا، وأشد رسوخًا، وأشمل عطاء، وأكثر إنصافًا وعدالة، حتى بتنا إلى يومنا هذا نراها تسرى في الحضارات القائمة سريان الدم القاني المغذي للجسد.

ويقينًا أن أسلافنا أدركوا أن وقوفهم وقوف المتفرج أمام تلك الحضارات لن يغني ولن يقدم للعالم ما ينفع.

ويقينًا أن تلك الحضارات ما كانت تخلو من المحرم المرفوض إسلاميًّا.

ولكن بالرغم من ذلك تفاعل أسلافنا مع تلك الحضارات حتى أصبحوا هم سادة العالم حضاريًّا فاستغرقوا حضارة الأمم وبنوا حضارة متميزة بصفاء الإسلام وطموحات المسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>