وبانقلاب الوضع وإبعاد الإسلام عن ساحة التطبيق وانتفاء الإرادة السياسية الحازمة المطبقة للشرع الإسلامي، أصبحت الرسالة التي سادت العالم تطبيقًا أميل إلى النظرية المسطرة، وظلت في أمهات كتب السلف الصالح أحداثًا وتاريخًا للمطلعين، إلى أن جاءت صحوة مباركة في عصرنا الحاضر لتعاود التطبيق السليم لتعاليم الإسلام من جديد، ونظرًا لشمول النظرية واتساعها ونظرًا لمحدودية القدرة الاستيعابية التطبيقية للمسلمين انقسمت الجهود المخلصة إلى فئات لتعمل كل فئة على بلورة جانب من جوانب النظرية وخدمتها بتخصيص دقيق دون إغفال أن تعاليم الإسلام تؤخذ جملة.
وكان ميدان الاقتصاد الإسلامي من أهم الميادين في عصرنا التي جوبهت بالعديد من الامتحانات والتساؤلات، واتسمت بالممارسة التطبيقية فبرزت سلبيات ليس لنقص في النظرية إنما لأسباب عدة أهمها:
١- وجود شيء من المسافة المبهمة بين النظرية والتطبيق والتي سببها قصور المطبقين للنظرية.
٢- اقتصار المهتمين بالاقتصاد الإسلامي من علماء واقتصاديين على التحدث عن العموميات دون الخوض في التفاصيل.
٣- عدم وجود برنامج زمني للوصول إلى الأهداف وتحقق الإرادة القادرة على التطبيق مع تهيئة الأرضية الصالحة المستقبلة بوعي لتلك الأهداف.
٤- بروز عناصر إسلامية متطرفة تشد الإنسان المسلم إلى الوراء وتجعل منه الإنسان الرافض لمستجدات الأمور والقارئ لتاريخه المتطور قراءة جامدة تخلو من روح الفهم المعاصر والإبداع المتجدد الذي تميز به ذلك التاريخ، مما أدى إلى أن يعيش المسلم داخل نفسه منكفئًا على ذاته جاهلًا ما للإسلام من دوافع خلاقة تدفع معتنقه إلى التطور والتقدم.