للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفى تحفة المحتاج ذكر ابن حجر الهيثمي بعض ما يباح فيه الجعل، ومما قاله: وكقول من حبس ظلما لمن يقدر على خلاصه وإن تعين عليه على المعتمد: أن خلصتنى فلك كذا، بشرط أن يكون في ذلك كلفة تقابل بأجرة عرفا، وأركانها: عمل، وجعل وصيغة، وعاقد.

وفى حاشية الشروانى على تحفة المحتاج (٣٦٥/٦) جاء ما يلي:

(قوله على المعتمد) عبارة النهاية: أفتى المصنف بأنها جعالة مباحة، وأخذ عوضها حلال، ونقله عن جماعة. وذكر صاحب مطالب أولى النهى في شرح غاية المنتهى جواز أن يجعل أحد جعلا لمن يقرضه من غير بجاهه، وقال: لأن الجعالة في مقابلة ما بذله من جاهه من غير تعليق له بالقرض (١)

هذه الأعمال وغيرها من أعمال البر، قد لا يوجد من يتبرع للقيام بها، مع وجود الحاجة إليها، ولذا جاز الجعل شريطة ارتباطه بالعمل.

وإصدار خطاب الضمان يتطلب القيام بأعمال مختلفة، والمصرف منشأة تجارية، فمن حقه أن يأخذ عمولة مقابل عمله وجهده، ولكن لا ترتبط هذه العمولة بكفالة الدين ذاتها، وإلا لكانت سحتا أو ربا.

ومما هو قريب من موضوعنا ما ثار من جدل في عصرنا حول جواز أخذ المصرف أجرا من المقترض يقابل الأعباء الإدارية الناشئة المتعلقة بالقرض، والذين أجازوه اشترطوا أن يتم ربط الأجر بوجود خدمة فعلية، أو منفعة مقصودة ومتقومة في النظر الشرعي، وألا يؤخذ نظير المنفعة غير المعتبرة في نظر الشرع في مجال الاقتراض أو الوعد به، ولذا قالوا: ينبغي أن يكون على أساس مبلغ مقطوع وليس على أساس شئ من قيمة القرض، لأن الجهد الذي يبذله المصرف في إعداد عقد القرض لا يختلف باختلاف قيمة القرض. فمفرق الطريق في اعتبار هذه المبالغ أجرا وليست ربا هو وجود الخدمة التي تقابل هذه المبالغ، وكون مقدار المبلغ محددا بما يبذله من جهد، أو يؤدى من خدمة، دون ربط ذلك بمقدار الدين أو مدته (٢)


(١) انظر المرجع المذكور ٤/٢٠٨، واقرأ مثله في المغني والشرح ٤/٣٦٥
(٢) انظر الموسوعة العلمية والعملية للبنوك الإسلامية ١/٢٩-٣١

<<  <  ج: ص:  >  >>