وضمنه الضامن أن اقتضاه من الغريم ليوصله لربه، سواء طلبه منه أو دفعه له الغريم بلا طلب، لكن على وجه البراءة منه، ولو تلف منه بغير تفريط أو قامت على هلاكه بينة.. لا أن أرسله المدين به إلى رب الدين فضاع منه، فلا ضمان حيث لم يفرط، لأنه صار أمينا بالإرسال، ومثل الإرسال لو دفعه على وجه التوكيل عنه في توصيله لربه، أو هو إرسال حكما، فلا ضمان على الضامن (١)
أما الحنفية فلم يكتفوا بالحديث عن هذا الضمان، وإنما فصلوا القول في بيان حق الكفيل في استثمار مال الكفالة، وفرقوا بين النقود وغيرها.
فأجمعوا على أن مال الكفالة متى كان نقودا، وقبضها الكفيل على وجه الاقتضاء لا الإرسال، واستثمرها وربح، فالربح حلال.
أما غير النقود فالروايات عن الإمام مختلفة، والمهم هنا بيان ما يتصل باستثمار النقود، فهو موضوع البحث. وإذا قبض الكفيل المال على وجه الإرسال، فهو أمين غير ضامن، وليس له أن يستثمر المال، فإذا استثمره خالف ما يجب فيما يعد أمانة، وأصبح كالغاصب، فإن ربح فلا يطيب له هذا الربح عند أبي حنيفة ومحمد، لأنه استفاده من أصل خبيث، وخالفهما أبو يوسف مستدلا بحديث ((الخراج بالضمان))