للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال صاحب الهداية (٦/٣١٩-٣٢١) :

" من كفل عن رجل بألف عليه بأمره فقضاه الألف قبل أن يعطيه صاحب المال فليس له أن يرجع فيها، لأنه تعلق به حق القابض على احتمال قضائه الدين، فلا تجوز المطالبة ما بقي هذا الاحتمال، كمن عجل زكاته ودفعها إلى الساعي، ولأنه ملكه بالقبض على ما نذكر بخلاف ما إذا كان الدفع على وجه الرسالة، لأنه تمحض أمانة في يده.

وإن ربح الكفيل فيه فهو له لا يتصدق به، لأنه ملكه حين قبضه: أما إذا قضى الدين فظاهر، وكذا إذا قضى المطلوب بنفسه، وثبت له حق الاسترداد، لأنه وجب له على المكفول عنه مثل ما وجب للطالب عليه، إلا أنه أخرت المطالبة إلى وقت الأداء، فنزل منزلة الدين المؤجل، ولهذا لو أبرأ الكفيل المطلوب قبل أدائه يصح، فكذا إذا قبضه يملكه إلا أن فيه نوع خبث (١) نبينه فليعمل مع الملك فيما لا يتعين "

. وقال ابن الهمام في شرح ما سبق:

(من كفل عن رجل بألف عليه بأمره فقضاه) أي قضى الرجل المكفول عنه الكفيل (الألف) التي كفل بها (قبل أن يعطيه) أي قبل أن يعطي الكفيل الألف (صاحب المال) وذكر ضمير (يعطيه) على تأويل المال أو المكفول به اللازم من قوله: كفل عن رجل، و (صاحب المال) مفعول أول (ليعطي) ، والمفعول الثاني هو ضمير المال المقدم في يعطيه (فليس له) أي ليس للرجل المكفول عنه (أن يرجع فيها) وهو للشافعي وجه آخر، وله أن يرجع، وهو قول مالك وأحمد بناء على أنه أمانة عنده ما لم يقض الأصيل، ونحن نبين أنه يملكه، وأن الأمانة ما إذا كان دفعه إلى الكفيل على وجه الرسالة إلى الطالب. (٢)


(١) حيث الربح في غير النقود كما سيتضح
(٢) ما ذكر عند المالكية من قبل يبين أنه لا خلاف حول ضمان الكفيل إذا أخذ المال من المكفول عنه على وجه الاقتضاء لا الرسالة، فالخلاف إذن في المكفول عنه في رد المال الذي أعطاه الكفيل إذا كان الكفيل لم يعط المكفول له.

<<  <  ج: ص:  >  >>