للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ملكه كان الربح له (إلا) أي لكن استثناء منقطع (فيه نوع خبث) على قول أبي حنيفة (نبينه) عن قريب (فلا يعمل مع الملك فيما يتعين) وهو الألف التي قضاه إياها لأن الدراهم لا تتعين (١)

وقال البابرتى في شرح العناية على الهداية:

"إذا قبضه على وجه الرسالة فالربح لا يطيب له في قولي أبي حنيفة ومحمد رحمهما الله، لأنه ربح من أصل خبيث، وفى قول أبي يوسف: يطيب لأن الخراج بالضمان (٢) .

وقال صاحب الدر المختار:

" وإن ربح الكفيل به طاب له لأنه نماء ملكه حيث قبضه على وجه الاقتضاء، فلو على وجه الرسالة فلا، لتمحضه أمانة، خلافا للثاني، وندب رده على الأصيل " (٣)

وقال ابن عابدين:

(قوله: خلافا للثاني) : أي أبي يوسف، فعنده يطيب له، كمن غصب من إنسان وربح فيه، يتصدق بالربح عندهما لأنه استفاده من أصل خبيث، ويطيب له عنده مستدلا بحديث ((الخراج بالضمان)) .

(وقوله: وندب رده) : مرتبط بقوله بعده فيما يتعين بالتعيين، أي أن قوله: طاب له - أي الربح - إنما هو فيما لو كان المؤدى للكفيل شيئا لا يتعين بالتعيين كالدراهم والدنانير (٤)


(١) انظر فتح القدير ٦/٣١٩-٣٢١
(٢) العناية مع فتح القدير ٦/٣٧٨
(٣) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين ٤/٢٧٨
(٤) من المعلوم في عصرنا أن النقود لا تتعين بالتعيين، فمثلا من أخذ ألف ريال من أحد لإعطائها غيره فلا يشترط إعطاء الأول الأوراق ذاتها التي تسلمها وهي التي تحمل أرقام كذا هو إنما تبرأ ذمته بإعطاء ألف ريال تحمل أي أرقام. ومن اشترى سلعة معينة فليس للبائع أن يبدلها مادامت قد تعينت، أما المشتري فله أن يدفع الثمن المحدد دون تعيين أوراق نقدية بعينها: فلو اخرج مثلا عشر ورقات، كل ورقة قيمتها مائة ريال، ثم رأي أن يستبقي هذه الورقات النقدية ويعطي البائع - بدلا عنها - ورقتين من ذات الخمسمائة، فليس للبائع أن يعترض وهذا الذي نراه واضحا في عصر النقود الورقية، وهو ما أشار إليه الحنفية في عصر النقود السلعية، فالدنانير والدراهم لا تتعين بالتعيين، ومثلها الفلوس الرائجة، حيث قالوا: إنها أمثال متساوية، فلا تتعين بالتعيين، فأى فلس يقوم مقام غيره (انظر: النقود واستبدال العملات ص ٧٣، ١٠١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>