فإن الخبث لا يظهر فيها، فخلاف ما يتعين كالحنطة ونحوها، بأن كفل عنه حنطة، وأداها الأصيل إلى الكفيل: وربح الكفيل فيها، فإنه يندب رد الربح إلى الأصيل. قال في النهر: وهذا هو أحد الروايات عن الإمام، وهو الأصح، وعنه أنه لا يرده، بل يطيب له، وهو قولهما، لأنه نماء ملكه، وعنه أنه يتصدق به (١) .
من هذا نرى أن الربح يطيب للكفيل إذا كان مال الكفالة نقودا، والمصرف غطاء الضمان عنده من النقود، ولكن يجب ألا يغيب عن الأذهان أن الكفيل ليس له مطالبة الأصيل قبل الأداء، على حين نجد المصرف لا يصدر خطاب الضمان إلا بعد قيام العميل -وهو المكفول عنه - بإيداع الغطاء النقدي المتفق عليه. وطبيعة المعاملات في عصرنا قد تستلزم وجود مثل هذا الغطاء، فالمصرف يدفع المبلغ المكفول كله عند أول مطالبة خلال سريان خطاب الضمان، دون التفات لما قد يبديه العميل من المعارضة. وإذا تأخر العمل في إعطاء المصرف ما أداه عنه، فإن المصرف الإسلامي لا يستطيع أن يسلك طريق الربا، ويتوقف استثمار هذه الأموال. فإذا كان من اللازم وجود مثل هذا الغطاء، فمن اللازم أيضا عدم حرمان العميل من استثمار أمواله بغير رضاه، ومن هنا جاء ترجيح القول بتخيير العميل: فأما أن يختار الاستثمار، أو إبقاء الغطاء في ضمان المصرف كما يلجأ أصحاب الحسابات الجارية.
والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب.
(١) حاشية ابن عابدين "رد المحتار علي الدر المختار" ٤/٢٧٨-٢٧٩